سقوط الأسد يسقط "جمهورية الكبتاغون".. كيف فتك النظام السوري بشباب العراق؟

8 قراءة دقيقة
سقوط الأسد يسقط "جمهورية الكبتاغون".. كيف فتك النظام السوري بشباب العراق؟

آثار إيجابية في مكافحة المخدرات عراقياً

بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، سقطت ما تعرف بـ"جمهورية الكبتاغون" والتي كانت تدار من قبل الأسد والمقربين منه، وتعود بأرباح بمليارات الدولارات للرئيس السوري المخلوع ونظامه، وهو ما يؤثر إيجابياً على العراق، بحسب عديدين.

 

وهُربت حبوب "الكبتاغون" بكميات كبيرة جداً في السنوات الأخيرة، إلى الدول المجاورة، لا سيما العراق، مما فاقم آفة المخدرات في البلاد.

 

وأطلق على الكبتاغون في سوريا اسم "كوكايين الفقراء" لسهولة صناعته وتصديره من قبل النظام السوري السابق، حتى أصبح دعامة الاقتصاد في سوريا، بعد العقوبات الدولية التي فرضت نتيجة "قمع الثورة" الشعبية عام 2011.

 

وبين الحين والآخر، تعلن السلطات العراقية، ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة التي تدخل من حدوده الغربية مع سوريا، لكن بعد سقوط الأسد لم تسجل السلطات العراقية أي عملية تهريب من الأراضي السورية، وفق متابعة أجرتها "الجبال" للمنصات الرسمية لوزارة الداخلية والدفاع.

 

وفي مناسبات عدة، أنكر نظام بشار الأسد صناعة "الكبتاغون"، لكن مقاطع فيديو عديدة كشفت بعد سقوطه، وجود معامل تصنيع كانت تعمل بإشراف شقيقه ماهر الأسد.

 

ما هو الكبتاغون؟

 

والمعروف عن الكبتاغون، أنها حبوب مخدرة ومنشطة وتدرّ على الأسد ونظامه أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً، لذلك تصدّر Captagon صادرات سوريا، وجعل منها دولة "كبتاغونية" بامتياز، إلى درجة أنها كانت تلبي 80% من استهلاك المنطقة.

 

وفي أيلول 2020، أقرّ مجلس النواب الأميركي قانون مكافحة اتجار الأسد بالمخدرات وتخزينها، ويختصر اسم القانون باللغة الإنجليزية بـ "كبتاغون"، بينما شهد العام الجاري إقرار قانون كبتاغون بنسخته الثانية، الذي يدعو إلى تعطيل وتفكيك شبكات المخدرات المرتبطة بنظام الأسد.

 

موقف العراق من الآفة بعد سقوط الأسد

 

في العراق، انخفضت نسبة تفشي الكبتاغون بعد سقوط الأسد وإغلاق الحدود، بشكل واضح كما علمت "الجبال"، فيما تعمل لجنة مختصة بمجلس النواب على وضع حد لظاهرة المخدرات في البلاد.

 

وشكلت اللجنة للمرة الأولى في الدورة الحالية من البرلمان العراقي ولديها مهام عدة، وفق عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مجلس النواب، أمير المعموري.

 

من ضمن مهام اللجنة، يقول المعموري في حديث لمنصة "الجبال": "أولا تعديل قانون رقم  50 لسنة 2017 الخاص بمكافحة المخدرات، وتعديل فقرات أخرى، فضلا عن متابعة الوزارات والجهات المعنية."

 

معامل محدودة لصنع المخدرات

 

وتمكنت السلطات الأمنية في العراق، من ضبط معامل لصناعة المخدرات، وفق المعموري لكنه أكد أنها "محدودة"، والممول الرئيسي من الخارج إلى داخل العراق.

 

ويلفت عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية إلى أن "ضبط الحدود يعتبر من أهم الأمور التي تساهم في عملية مكافحة المخدرات"، وهو ما قلل من انتشار الآفة.

 

ويرجح عضو مجلس النواب، حسم تعديل قانون المخدرات خلال الدورة البرلمانية الحالية لأهميته، إذ أن "القانون مكتمل من كافة الجوانب وخلال هذه الدورة سوف يتم تمريره لأهمية الموضوع".

 

وضبطت السلطات الأمنية أكثر من 6 طن منذ العام 2023 ولغاية منتصف العام 2024، فيما بلغ عدد المحكومين بتجارة المخدرات وتعاطيها 13 ألف خلال السنة الماضية والحالية، بحسب النائب المعموري.

 

وفي أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية بتاريخ 17 كانون الأول 2024، فإن مديرية شؤون المخدرات تمكنت من إلقاء القبض على (116) متاجراً دولياً وضبط (3) أطنان و(150) كغم من مختلف المواد المخدرة، والحكم على (82) متاجراً دولياً بالمخدرات بالإعدام خلال 2024.

 

انهيار النظام السوري قتل "الكبتاغون"

 

من جهته، يلفت عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات في مستشارية الأمن القومي العراقي حيدر القريشي إلى أن آفة المخدرات في العراق في ازدياد دائم بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية، إلا أن الكبتاغون قل نوعاً ما في الأسابيع الأخيرة.

 

وفيما يخص الأوضاع السورية يؤكد القريشي في حديث لـ"الجبال"، أن "مصدر حبوب الكبتاغون يأتي من سوريا ولبنان، وبعد الأحداث الأخيرة في سوريا تقلصت الآفة نوعاً ما ولم يهرب إلى العراق أي كمية منها".

 

ما أسباب انتشار المخدرات؟

 

وتطرق عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات في مستشارية الأمن القومي الى جملة أسباب، دفعت إلى استفحال ظاهرة المخدرات في العراق، أبرزها: "سهولة الحصول على المال مقابل تسهيلات يعرضها تجار تلك السموم"، مشيراً إلى "غياب الوازع الديني وتدني مستواه لدى بعض الناس وانتشار قيم دخيلة على المجتمع". 

 

ويرى أن "من ضمن الأسباب هو، ضعف عمليات التفتيش والرقابة واتساع الحدود البرية والبحرية وصعوبة السيطرة عليها، فضلاً عن قيام بعض مقاهي الشيشة بدس المخدرات للزبائن ليعتادوا عليها وليعودوا لهذه المقاهي دون غيرها، خاصة الحشيش والكرستال". 

 

ويشير القريشي إلى "عدم وجود مستشفى متخصص لعلاج المدمنين جسدياً ونفسياً واجتماعياً، فالمدمنون يوضعون في مستشفى اعتيادي عام في قسم الصحة النفسية". 

 

ويجد أنّ "ضعف الترابط الأسري أحد أبرز أسباب انتشار المخدرات في العراق، إذ أن %55 من المتعاطين يتبعون الأسر المفككة". 

 

ويلفت القريشي إلى "ضعف تطبيق القوانيين التي تحد من انتشار المخدرات، وضعف الرقابة الأسرية، وسهولة التداول، فضلاً عن البطالة وانعدام ثقافة المجتمع من مخاطر سوء استخدام المخدرات والمؤثرات العقلية". 

 

ومن الأسباب أيضاً وفق عضو الفريق الوطني لمكافحة المخدرات في مستشارية الأمن القومي، قلة برامج التوعية في المدارس والجامعات، وغياب الرقابة على المقاهي والأندية، وأيضاً قلة المناهج التربوية التي تبين مخاطر تناول المخدرات والمؤثرات العقلية، فضلاً عن قلة التعاون بين الوزارت التي يعنيها الأمر و قلة الدراسات والبحوث في مجال مكافحة المخدرات.

 

ويوضح القريشي أن "هناك عدم جدية في تعاون دول الجوار مع العراق للحد من دخول المخدرات والمؤثرات العقلية"، مبيناً أن "كثرة أوقات الفراغ وعدم وجود مركز للشباب لمزاولة وتنمية مهاراتهم من ضمن أسباب تفاقم آفة المخدرات، فضلاً عن ازدياد الضغوط النفسية والاجتماعية، التي يعاني منها أفراد المجتمع نتيجة حالة التوتر الأمني والحروب والأزمات التي يشهدها المجتمع العراقي". 

 

ويختلف القريشي مع النائب المعموري في قضية زراعة المخدرات في العراق، إذ يقول "لا توجد زراعة للمخدرات في العراق".

 

في مقابل ما سبق، تشير العديد من الدراسات إلى أن تجارة الكبتاغون ارتفعت بشكل كبير خلال العقد الماضي، إذ ذكر "معهد الشرق الأوسط" أنه في عام 2021، تم ضبط ما يقرب من 6 مليارات دولار من الكبتاغون المصنوع في سوريا في الخارج.

 

وفي نيسان 2022 وحده، تم اعتراض 25 مليون حبة كبتاغون في البلدان المجاورة، بقيمة حوالي 500 مليون دولار.

 

طلاب المدارس والجامعة أبرز المستهدفين

 

من جهتها، تقول رئيسة منظمة نقاهة لمعالجة مدمني المخدرات إيناس كريم، إن آفة المخدرات انتشرت في جميع المحافظات، لكن بنسب متفاوتة، إذ يركز التجار على استهداف الشباب والمراهقين وطلاب المدارس والجامعات.

 

وحملّت كريم في حديث لمنصة "الجبال"، الحكومات المتعاقبة مسؤولية تفشي المخدرات بشكل كبير في العراق، مؤكدة عدم الالتفات لخطورة الملف من قبلهم (الحكومات المتعاقبة).

 

وترى رئيسة منظمة نقاهة لمعالجة مدمني المخدرات، إن "المصحات النفسية في العراق قليلة، ونحتاج أكبر عدد ممكن لمعالجة المدمنين".

 

وفي أيار الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن حكومته ستتعامل مع قضايا المخدرات على أنها "تهديد إرهابي"، مشيراً إلى أنها "وضعت إستراتيجية وطنية مكثفة لمكافحة المخدرات للسنوات 2023-2025 ضمن خطة موسعة نحو عراق خال من المخدرات".

 

ظروف البلاد فاقمت الأزمة

 

الى ذلك، يرى المحلل السياسي، علي البيدر، أن المخدرات، تجارة دولية، تتقلص وتوسع وفق الوضع الأمني للعراق.

 

البيدر يذكر في حديث لمنصة "الجبال"، أن "الخطط الأمنية في العراق لم تصل إلى مستويات متقدمة في محاربة آفة المخدرات"، مبيناً أن "الظاهرة تحتاج إلى جهد دولة وليس على مستوى وزارة أو مؤسسة أو جهاز معين". 

 

ويؤكد على "ضرورة معالجة الفراغ الذي يعيشه الشباب من فقر وبطالة، ونشر الوعي بخطورة تلك السموم التي تفتك بالمجتمع". 

 

"ظروف العراق خلال العقدين الماضيين أحد أسباب تفشى ظاهرة المخدرات"، يقول البيدر ويضيف أنّ "الحدود المفتوحة وظروف المنطقة كلها شجعت على أن يصبح العراق سوقاً للمخدرات".

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأربعاء 18 ديسمبر 2024 11:00 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.