مع سقوط بشار الأسد وانهيار نظامه، ما زالت الأسئلة تتكرر حول مصير حزب الله وطريق الإمداد الذي كان يوصل له الأسلحة، إذ أن مستقبل الحزب ومع ما تعرّض له من ضربات متتالية، كان ضمنها مقتل أمينه، حسن نصر الله، يبقى مجهولاً إثر ما حدث في سوريا.
ويؤكد حزب الله اللبناني أن ما حدث في سوريا "زلزال سياسي" سبّب ضربة كبيرة لـ "محور المقاومة"، معلناً عن أولويات تعمل عليها أطراف المحور في المرحلة الراهنة.
وفي حوار حول مستقبل محور المقاومة بعد الأحداث الأخيرة في سوريا، وأولوياته للمرحلة القادمة، أكد المكتب الإعلامي لحزب الله اللبناني، لمنصة "الجبال"، اليوم الثلاثاء، أن "سقوط حكم بشار الأسد في سوريا يجسد خسارة كبيرة لإيران ومحور المقاومة"، مشيراً إلى أن "أطراف المحور تراقب عن كثب الأوضاع في سوريا وماذا سيكون موقف السلطة الجديدة فيها من القضايا الأساسية في المنطقة".
وقال المكتب الإعلامي لحزب الله: "لا شك أن ما حدث في سوريا هو زلزال سياسي كبير، وهو ضربة كبيرة لمحور المقاومة، كون سوريا كانت من الدول القليلة في العالم العربي التي تقف إلى جانب هذا المحور ضد الكيان الإسرائيلي وبمواجهة المشروع الأمبريالي بالمنطقة"، مشيراً إلى أن "هناك أسئلة كثيرة لا يمكن الإجابة عليها، إلا حين تبلور شكل السلطة السورية وموقفها في السياسة الخارجية وحول إسرائيل. لكن الأكيد أن نفوذ المحور في سوريا قد تراجع إلى حد كبير، بانتظار تقييم إن كان المحور قد خسر هذا النفوذ بالكامل في سوريا أم سيكتفي بهذا التراجع للحفاظ على الحد الأدنى من المصالح في هذا البلد".
الأولويات في سوريا
وذكر المكتب الإعلامي أن هناك حاجة لمراقبة الأمور في المرحلة المقبلة، "سوريا كانت ممراً لوجستياً مهماً جداً لهذا المحور من إيران إلى بيروت. والسلطة السورية السابقة كانت منبراً دبلوماسياً وسياسياً وعربياً يؤيد خطوات المحور ويعادي المحور الغربي، لقد خسر محور المقاومة هذا، وهذه نقطة تسجل لصالح أعداء المحور".
وبالنسبة لحزب الله، فإن "التقييم الأولي يشير لأن محور المقاومة تلقّى ضربة كبيرة، وهو الآن في حالة ترقّب ليرى كيف ستتشكل السلطة الجديدة وكيف ستجيب على الاسئلة الأساسية في السياسة الخارجية، وماذا سيكون رأيها حول المواضيع الأساسية في الإقليم لا سيما العداء للعدو الأسرائيلي، والقضية الفلسطينية، والتطبيع مع العدو الإسرائيلي. كذلك موقف السلطة الجديدة من إيران كدولة ومن حركات المقاومة في المنطقة"، وبناء على ذلك سيرسم المحور خطواته في المرحلة المقبلة.
ويريد محور المقاومة متمثلاً بإيران "الوصول إلى مجموعة تفاهمات بالمرحلة المقبلة، لا سيما مع تركيا (المحرك الأساس للأحداث السورية)، إذ تريد إيران الحفاظ على الحد الأدنى من المصالح في سوريا أو على الأقل ضمان أن لا تكون سوريا دولة معادية لها (تتبنّى الخيارات الغربية وتتخلى عن مشروع القضية الفلسطينية)، وهذا جزء من الحوار الإيراني التركي اليوم وأولوية للمحور"، وفق حزب الله الذي أضاف في الوقت ذاته أن "من أولويات المحور المراقبة عن كثب كل الجماعات التي ستنشأ، حيث من المتوقع نشوء الكثير من الجماعات داخل سوريا التي كانت منضوية تحت لواء هيئة تحرير الشام عندما كانت الهيئة مسيطرة على إدلب، وبعد سقوط سلطة بشار الأسد عادت هذه الجماعات إلى الجغرافيا التي كانت تتبع لها، وهي بطبيعة الحال سوف تعيد هيكلة نفسها في جغرافيتها الأساسية".
وبناء على ذلك "سيراقب المحور حراك هذه الجماعات ليرى أن كانت هناك إمكانية للتعاون معها. كما تحاول إيران الوصول لحد أدنى من التفاهمات مع أبو محمد الجولاتي ومع السلطة الجديدة لضمان أن لا تكون سوريا الجديدة دولة معادية لإيران، وضمان مستوى معين من المصالح الإيرانية ومصالح المحور هناك. هذه أولويات محور المقاومة لكنها تحتاج إلى وقت لتتبلور"، كما جاء في تصريح المكتب الإعلامي لحزب الله.
وقال إن "سوريا مقبلة على مجموعة تحديات أبرزها نجاح هيئة تحرير الشام في تحويل إسقاط النظام ألى مشروع سياسي فاعل، تجاوز الخلافات الداخلية، وتبنّي دول إقليمية وعالمية وازنة حماية هذه السلطة الجديدة"، مبيناً أنه "لحين تجاوز كل هذه العقبات ستبقى دول المحور في ترقب لما ستؤول إليه هذه القضايا في الداخل السوري".
وعن الحراك الإسرائيلي في المنطقة، ذكر مكتب حزب الله أن "من الأولويات الأساسية لمحور المقاومة، اليوم، هو ان لا تكون سوريا ساحة للعدو الإسرائيلي"، منوّهاً إلى أن "ما يحدث اليوم يشكل خطراً كبيراً للمحور من خلال التمدّد الاسرائيلي في الاراضي السورية وحرية العمل الاسرائيلية الموجودة في سوريا، الاستهدافات، واستهداف القدرة العسكرية والشخصيات، واحتلال أراضي الجولان، هذا كله يراقبه المحور ويشكل خطراً كبيراً عليه"، وأن "من أولويات المرحلة المقبلة محاولة الوصول إلى طريقة لمنع العدو الإسرائيلي من تحقيق أهدافه داخل سوريا، ذلك من خلال التعاون مع الفئات السورية التي ترفض التطبيع وتتبنى القضية الفلسطينية أو من خلال ترقّب موقف الجولاني من هذه التحركات الإسرائيلية، ومحاولة التواصل وبناء الحوار مع تركيا وخاصة فيما يخص الملف الاسرائيلي في المنطقة. إيران تدرك أن هذا موضوع يشكل خطراً كبيراً عليها وعلى المحور، لذا تحاول منع العدو الإسرائيلي من الاستفراد بسوريا وتحقيق مصالحه فيها، أو أن يكون له نفوذ بالداخل السوري".
الأولويات في لبنان
وفيما يتعلق بلبنان، أشار المكتب الإعلامي لحزب الله إلى مخاطر أمنية قد تجلبها التطورات السياسية في سوريا إلى لبنان، وأن من أولويات الحزب في الداخل اللبناني مواجهتها ومنع وقوعها.
وتطرق إلى "أولوية مهمة، وهي في حال حصول فوضى في سوريا، ستحاول المقاومة منع انجرار هذه الفوضى إلى لبنان لما ستشكّله من مخاطر أمنية على الدولة. لذا ستكون من أولويات المقاومة حماية الحدود اللبنانية - السورية تحسباً لانتشار الفوضى وهروب بعض الإرهابيين إلى الداخل اللبناني للقيام ببعض الأعمال الإرهابية"، مضيفاً أن المقاومة "تتحسب لأن لا تصبح الأحداث السورية نقطة تحفيز لبعض الخلايا في لبنان، التي قد تقوم ببعض الأعمال الإرهابية، والمقاومة تعتبر منع حدوث هذين الأمرين أولوية لها".
"موجودة وتحتفظ بحقها بالعمل"
من جانبه، صرح المتحدث باسم كتائب حزب الله - العراق، كاظم الفرطوسي، بنفس السياق، بأن "ما حصل في سوريا من خسارة هو أمر متوقع"، وأن "سوريا كانت تعتبر مفصلاً مهماً في محور المقاومة ولكن هي ليست الأساس"، آملاً بأن "ما يحصل في سوريا من تحول، وأن يتحول النظام السياسي إلى نظام يخدم مصالح الشعب السوري ويحقق الاستقرارا والأمن في المنطقة".
لكنّه الفرطوسي أشار أيضاً إلى أن "ما نراه من تجاوزات تركية على الحدود السورية، وتوغل أسرائيلي، وتحطيم البنى التحتية للمؤسسة العسكرية السورية، لا ينذر بالخير. بالتالي، نحن ننتظر ما ستفضي له وتنتجه هذه العملية".
وقال: "نأمل أن تكون هناك جدية في تشكيل حكومة وطنية عابرة للقوميات والمذاهب وتمثل الشعب السوري، وأن لا تتحول سوريا إلى بؤرة وبيئة حاوية للإرهاب الدولي كما حصل في أفغانستان، وأن لا يكون هناك مشروع تقسيم لسوريا كما هو ملاحظ في المسار الموجود"، مؤكداً ان "فصائل المقاومة موجودة، وتحتفظ بوجودها وحقها في ممارسة عملها كمقاومة، وتتعامل مع الأمور حسب ما تخدمه الظروف".