أكد القيادي في الإدارة السورية الجديدة، حسن الدغيم، أن رسالة زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود بارزاني الموجّهة إلى قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، "جاءت في وقتها"، فيما وصفها بأنها "غاية في الأهمية وتدعم انتقال السلطة لحكومة دمشق الجديدة".
الدغيم وفي حديث خاص لمنصة "الجبال"، أوضح موقف الإدارة السورية الجديدة من الكورد ومستقبلهم في سوريا، كذلك حول الرسالة التي وجهها رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني إلى أحمد الشرع، ومستقبل حزب الله داخل الأراضي السورية.
"رسالة بغاية الأهميّة"
قال الدغيم إن "علاقة الشعب السوري مع الزعيم مسعود بارزاني علاقة قديمة، والسوريين جميعاً يكنّون له كلّ الاحترام والتقدير لا سيما في دوره التوجيهي والأبوي في رعاية اللاجئين السوريين أثناء الثورة السورية الذين لجأوا إلى إقليم كوردستان"، مبيناً أن "بعضهم أقربائي، يحمدون جهود الرئيس بارزاني في إيوائه عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، يبلغ عددهم حوالي 300 ألف حسب تقديراتنا. كما نقدّر موقف الزعيم بارزاني يوم الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال الغرب السوري، وقافلته المشهورة التي كانت نعم بلسم لجراح السوريين بعد تعرضهم للزلزال الكبير الذي أصابهم".
أمس الأحد، رحب زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مسعود بارزاني، بتصريحات قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع بشأن الكورد، آملاً بأن تكون رؤية الشرع "بداية لتصحيح مسار التاريخ وإنهاء الممارسات المجحفة بحق الكورد في البلد الجار".
وقال بارزاني، في بيان، إن "مثل هذا المنظور يمثل منطلقاً يمهّد لبناء سوريا قوية. ويجب على الكورد والعرب وجميع مكونات سوريا الأخرى اغتنام هذه الفرصة للمشاركة معاً في بناء سوريا مستقرة وحرّة وديمقراطية".
وبهذا الخصوص أكد الدغيم أن الرسالة "كانت في غاية الأهمية والمكانة، تنبع من مكانته كجار للسوريين وكرمز للشعب الكوردي الذي جزء كبير منه هم مواطنون سوريون"، منوّهاً أنه "نحن نريد أن نمضي معهم في عقد اجتماعي وسلام دائم، وهذه الرسالة جاءت في وقتها، وبغاية الأهمية، وتدعم انتقال السلطة لحكومة دمشق الجديدة".
"مضطهدون"
وبخصوص الكورد في سوريا، قال الدغيم: "نحن على اطلاع على تاريخ هذا الشعب، سواء كان في سوريا أو العراق أو تركيا أو إيران، منذ إنشاء جمهورية مهاباد عام 1947 في إيران إلى ثورة (مهسا أميني)، وهي شكلت لنا كسوريين أيضاً محطة إلهام. نحن ننظر مع للشعب الكوردي، لا سيما في إيران وثورته على الدكتاتورية الخمينية، كشركاء في هذا الطريق"، مشدّداً على أن "الكورد هم مكوّن أساس للشرق الأوسط وفي وجه المنطقة الثقافي والحضاري والتاريخي".
وبحسب قول القيادي في الإدارة السورية الجديدة، "سيكون النهج الجديد لحكومة دمشق في الفترة الانتقالية وكذلك بالمرحلة المستقبلية هو علاقة سلم وصداقة، ولا شك أن المواطنة هي الأرضية التي يمكن أن نجتمع عليها عربا وكورداً"، وهو قال إن "النظام السوري المجرم كان يتعامل مع الكورد كأنه مكوّن غريب. وأذكر أن من أسباب قتل الشهيد معشوق الخزنوي على يد المخابرات السورية أنه كان يطالب بحقوق 162 ألف مواطن كوردي غير حاصلين على البطاقة السورية (هوية)، وفي هذا ظلم كبير"، مردفاً: "زرت مناطق الكورد في سوريا ولدي أصدقاء منهم من مختلف التوجهات، ونحن على دراية كيف كانوا يعانون من ظلم نظام الأسد البعثي القومي، وكيف اختطف تنظيم داعش الإرهابي الخطاب الديني وقام بظلم أخوتنا الكورد سواء في العراق أو سوريا ما نمّا شعور الكراهية ضد العرب والسنة".
وفقاً للدغيم فإن "الحقيقة، إذا كانت قسد لا تمثل الكورد، والصهيونية لا تمثل اليهود، وإذا كان الحشد الشعبي أو الحرس الثوري لا يمثل الشيعة في العالم، فقطعاً داعش لا يمثل لا العرب ولا السنة. ونحن لم نعترض على تصرفات داعش تجاه الكورد فقط، بل قاتلناها بواسطة الجيش الحر والثورة السورية، لقد قاتلت داعش وأخرجتها من المنطقة بعد المجازر التي ارتكبتها".
وقال الدغيم: "إن كنّا نتحدث عن حق المواطنة، هذا يعني أن ليس هناك عربي أو كوردي أو تركماني أو مسيحي أو يهودي له حقوق استثنائية أو حقوق محجوزة. عندما نتكلم عن المواطنة نحن نعني المواطنة بمعناها الكامل أي (إن العربي والكوردي والمسلم والمسيحي والعلوي والشيعي، كل واحد منهم يمثل جزءاً من هذه الجمهورية ومن هذه الأمة في انطلاقته الجديدة، يأخذ مكانه الطبيعي ضمن دستور الحقوق والواجبات)"، مستدركاً بأنه "لا شك، يجب أن نتحلّى بالصبر في القترة الانتقالية، خصوصاً أن الوضع لا يزال وضع اشتباك مع قوات قسد التي تحاول أن تحتكر وتمثل المكون الكوردي، وهذا الشيء مرفوض تماماً".
العلاقة مع قسد
بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلّحة على مدينة حلب، بدأت اشتباكات مسلحة بين فصائل المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" (تسيطر على ثلاث محافظات سورية كبيرة هي: الحسكة، الرقّة، ودير الزور، ما يساوي 30% من الأراضي السورية)، عند مناطق "منبج" و"ريف حلب"، أفادت تقارير بنزوح عدد كبير من سكان المنطقة هرباً من المواجهات، والمواجهات مستمرة حتى الآن.
وأوضح الدغيم لـ"الجبال" موضع خلاف بين الإدارة السورية الجديدة وقسد، بالقول: "نحن نعتبر أنفسنا أقرب للكورد أكثر من قسد. لأن قسد تريد أن تتاجر بهم وتختطفهم، أما نحن نريد أن نكون أخوة لا طلقاء بل شركاء في بناء الدولة"، لافتاً إلى أنه "ليس هناك أي مانع عند أي أحد من عناصر الثورة السورية والقيادة الجديدة في أن يكون بالمرحلة المستقبلية أخ كوردي رئيساً للجمهورية أو رئيساً للوزراء، ويشغلون المواقع السياسية والسيادية بالدولة، هذا حقهم الطبيعي ضمن انتخابات حرّة ونزيهة في المرحلة المستقبلية"، مستدركاً بأن "الأولوية في المرحلة الانتقالية الآن هي تأمين البلاد وتأمين وحدتها".
وقال الدغيم "الكورد هم مشاركون في الثورة السورية وهم رمز من رموز ثورتنا، والشهيد مشعل تمّو نعتبره عضو المجلس الوطني السوري وأحد رموز الثورة السورية، وكان بالنسبة لنا قصة إلهام في مجتمعنا".
وعن "قسد" قال: "ارتضت أن تكون، حتى هذه اللحظة، أداة قمع للسوريين كورداً وعرباً وتركماناً، هجرت مئات آلاف السوريين. وذكر لي زعماء كورد من المجلس الوطني الكوردي منهم الاستاذ عبد الباسط سيدا في أحد دوراته أن قسد هجرت أكثر من مليون كوردي من مناطق سكانهم إلى أربيل وتركيا وإلى الشمال السوري"، مضيفاً أن "قسد اختارت أن تكون في صف الأعداء، ومرتبطة عضوياً بتنظيم (ب ك ك) الذي أسسه عبدالله أوجلان، الذي يعتبره السوريون تربية وإنشاء حافظ الأسد، حيث أسس له المعسكرات بالبقاع الغربي في لبنان ودرّب له ميليشيات (ب ك ك) التي كانت تعتدي على المواطنين السوريين حتى قبل الربيع العربي".
وتابع: "هناك شهادات على تصرفات (تشبيحية - قمعية) يقوم بها عناصر (ب ك ك) المرتبطين بالمخابرات السورية ضد المجتمع الكوردي نفسه. لذا قسد اختارت لنفسها الصف الخاطئ في التاريخ، وهي تمارس حتى الآن القمع ضد المواطنين في الرقة والطبقة وتحاول تنفيذ أجندات انفصالية وإرهابية ضد المكونات وضد سوريا ووحدة سوريا أرضا وشعباً"، عادّاً قول إنهم قاتلوا ضد الإرهاب أنه "هم في الحقيقة يدعمون هذا الإرهاب، ويدعمون الإرهاب الداعشي بتصرفاتهم السيئة، ويوفرون بيئة خصبة لتجنيد إرهابيين لصالح تنظيم داعش الإرهابي كما في مخيم الهول (وما أدراك عن الظلم هناك، من سجن النساء، والتغذية بالفكر التكفيري، واعتقال النساء والأطفال واحتجازهم لسنوات عديدة)"، مشيراً إلى أن "كل ذلك يغذي الفكر الإرهابي ويجعل داعش يستفيد من المظلومية، سواء المظلومية القومية أو المظلومية الدينية في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة، وتضيف لها ساحة تجنيد جديدة. لذا لا يشفع لقسد القتال ضد تنظيم داعش، فهي بين بطة سوداء وبطة صفراء".
مستقبل حزب الله في سوريا
بالنسبة لحزب الله، صرح الدغيم بصورة مباشرة بأن حزب الله "هو حزب عدو (عدو صريح)"، مؤكداً أنه لا مكان للحزب في سوريا الجديدة، بقوله: "لا نقبل بأي وجود عسكري ولا سياسي ولا مدني له، وأي عنصر لا يحمل المواطنة السورية ويتبع حزب الله سيكون خارج سوريا، وهذا قولاً واحداً"، مشيراً إلى أن عناصر الحزب "نشروا الفساد والخراب والمخدرات والدمار والقصف والتهجير".
القيادي في الإدارة السورية الجديدة، قال إن "حزب الله قوة معادية للسوريين، هو الآن انسحب عملياً من سوريا باتجاه لبنان (قوة الرضوان التي كانت تحتل سراقب وريف حماه وحلب الجنوبي ومناطق مضايا والزبداني)، ولا نقبل حتى بأن يكون قوة عسكرية على حدودنا، هو بمثابة العدو الواضح الذي لن نقبل إلا بأن يفكّك"، موضحاً أن "هذه مسؤولية الدولة اللبنانية أن يتم إبعاد خطره عن الشعبين السوري واللبناني".