"زينب مجو بركات"، شابة أيزيدية ناجية من قبضة "داعش" الإرهابي، اختًطِفت كآلاف آخرين من أبناء جلدتها إبان سيطرة التنظيم على منطقة سنجار، وهي تتحدّث اليوم لمنصة "الجبال" عن حياتها تحت إمرة عناصر التنظيم الإرهابي وقصة نجاتها منهم.
في 3 آب 2014، اختطف تنظيم "داعش" بعد دخوله قضاء سنجار والسيطرة عليه 6 آلاف و417 أيزيدياً، تم تحرير ثلاثة آلاف و596 شخصاً منهم، فيما لا يزال ألفان و599 فرداً آخر بقبضة التنظيم.
رقدت زينب في ليلة الثاني إلى الثالث من آب كسائر أهالي منطقتها سنجار بقلب تملأه الآمال والأحلام، لكنها استيقظت في صباح الثالث من آب على واقع جديد غيّر مسار حياتها إلى الأبد، واقع لا يحمل سوى القتل والتنكيل والعدمية، فوقعت بيد عناصر "داعش" وتحولت بسماتها إلى بكاء وحزن دائم.
زينب شابة من قرية "وردي" التابعة لقضاء سنجار، كانت بعمر 14 عاماً عندما اجتاح مسلحو التنظيم منطقتها، واختطِفت مع 150 شخصاً آخرين من سكان قريتها حينها، حيث تم نقلهم بشاحنة إلى مركز سنجار، وتوزيعهم فيما بعد في مناطق متفرقة تحت سيطرة التنظيم.
اختطاف زينب
اختطفت زينب مع عائلتها في ذلك اليوم، والدها ووالدتها إلى جانب ثلاث شقيقات وأربعة أشقاء مع كنّتين وثلاثة أطفال، لم ينج منهم سواها مع شقيق وشقيقة. تم اقتيادهم حينها إلى قضاء البعاج في محافظة نينوى ومن ثم إلى مجمع الرسالة في القضاء، حيث تم احتجازهم كمعتقلين داخل منزل هناك، وعاشوا على هذا الحال لسنة وسبعة أشهر.
الحياة في ظل سيطرة "داعش"
حسب قول زينب، فإن عناصر "داعش" نقلوها وعائلتها إلى حياة أشبه بالجحيم، حجبوا عنهم جميع الحريات التي كانوا يتمتعون بها في السابق، وقاموا بتشغيلهم كخدم. حاول المسلحون أخذ زينب سبيّة كغالبية الفتيات والنساء الأيزيديات، لكن زينب أخبرتهم بأنها متزوجة وليست باكراً، وبذلك تركوها وسمحوا لها بالإقامة مع عائلتها في منزل يخضع لمراقبتهم. تعرّضوا للتعذيب وكان مسلّحو داعش يعذبونهم في كل مرة حاولوا فيها مخالفة أوامر التنظيم، وفق قول زينب.
وذكرت زينب أنها وعائلتها لم يروا الكهرباء على مدى سنة وسبعة أشهر، كما أنهم لم يتناولوا طعاماً طيباً، فضلاً عن سوء وقلّة الطعام المتوفر، ولم يأكلوا اللحم أو الفواكه حتى لمرة واحدة خلال بقائهم تحت سيطرة "داعش."
إلى جانب ذلك، واجهت زينب مع عائلتها مآس كثيرة، إذ فقدت والدتها النظر بسبب البكاء يومياً حزناً على الحال، كما فقد شقيقها ذاكرته بعمر صغير بسبب الضرب والتعذيب اللذين تعرض لهما. أما زينب فتعاني من أمراض مختلفة، تواصل منذ 10 سنوات مراجعة طبيب نفسي لتحريرها من الوضع النفسي السيء الذي عاشته، بعد أن خضعت لعلاج طبي على مدى شهر ونصف عقب تحريرها.
تحرير زينب
تحررت زينب مع عائلتها، بموجب خطة لمكتب تحرير المختطفين الأيزيديين من قبضة "داعش"، عبر تخصيص مبلغ من المال لإيجاد سبيل لتحرير العائلة. وفي الساعة 3:30 من صباح يوم 4 آذار 2016، تمكنت زينب من الفرار مع عائلتها إلى منطقة شمال شرق سوريا، حيث عاشوا تجربة صعبة يسودها الخوف، في رحلة مكثوا فيها تحت وابل المطر وعواصف البرد خلف سيارة "بيك آب" على طول الطريق لحين وصولهم إلى الأراضي السورية. ليتوجهوا بعدها إلى منطقتي "خان صور" و "سنوني" في رقعتهم الأصلية سنجار ومن ثم ينتقلوا إلى محافظة دهوك.
زينب الآن تبلغ 25 عاماً، تعيش في مخيم "شاريا" للنازحين بدهوك، ورغم عدم استعادتها لحياتها التي كانت قبل 3 آب 2014، لكنها مسرورة اليوم بوجودها وسط عائلتها ولقائها من جديد مع أختها وأخيها. وهي تعيش حياة هادئة مع أسرتها وذويها، بعد أن تمكنت من دخول دائرة النشاط المدني وتصبح إحدى الناشطات المدافعات عن حقوق الضحايا الأيزيديين والناجين منهم أيضاً. وتقول: "تعرضنا لكارثة كبيرة جداً، تعنفنا، لكن لم نزُل وبقينا أقوياء".