أعلنت الفصائل المعارضة السورية فجر الأحد إسقاط "الطاغية" بشار الأسد بعدما حكم سوريا لقرابة ربع قرن، مؤكدة أنه "هرب" مع دخول قواتها إلى دمشق.
في ما يأتي أبرز ما نعرف عن ملابسات خروج الرئيس السوري من العاصمة، وموقف الجيش والفصائل المعارضة، ومن يتولى إدارة البلاد حالياً:
كيف "هرب" الأسد؟
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الأسد غادر على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت (19,00 بتوقيت غرينيتش)، من دون أن يحسم وجهتها. وأشار إلى أن إقلاع الطائرة أعقبه انسحاب الجيش والقوى الأمنية من هذا المرفق الحيوي الرئيس في البلاد، بعد ساعات من تعليق الرحلات عبره.
سرعان ما أعلنت الفصائل المعارضة التي بدأت هجوماً مباغتاً وغير مسبوق ضد قواته منذ 27 تشرين الثاني 2024 إسقاط "الطاغية"، وأعلنت دمشق مدينة "حرة" داعية ملايين السوريين الذين شرّدهم النزاع المتواصل في البلاد منذ أكثر من 13 عاماً، للعودة إلى بلادهم.
لم تتضح إلى الآن وجهة الأسد، لكن فرانس برس نقلت عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان ثلاثة احتمالات: أولها حليفته روسيا التي وفّرت له خلال النزاع دعماً دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً منقطع النظير، أو إيران التي وفّرت مستشارين عسكريين إضافة إلى مقاتلي مجموعات موالية لها على رأسها حزب الله، أو وجهة ثالثة يعدّها الأكثر ترجيحاً، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018.
وتثير الأحداث المتسارعة تكهّنات السوريين والمراقبين في آن معاً.
ماذا عن الجيش السوري؟
فور شيوع نبأ فرار الأسد، عمد جنود في أنحاء عدة في دمشق إلى خلع ثيابهم العسكرية، وفق ما أفاد سكان.
وقال شاهد عيان إنه رأى صباحاً عشرات الآليات والسيارات العسكرية متروكة في منطقة المزّة التي تضم مقرات أمنية وعسكرية ودبلوماسية.
ولم يصدر أي بيان رسمي عن الجيش الأحد. لكن جنوداً تحدثت إليهم فرانس برس قالوا إنه طلب منهم إخلاء مواقعهم والعودة إلى منازلهم. وقال أحدهم وهو يخدم في أحد الفروع الأمنية "طلب منّا رئيسنا المباشر الإخلاء والتوجه إلى منازلنا، فعرفنا أن كل شيء انتهى".
وفي الطريق من حمص باتجاه دمشق، شوهد مئات العسكريين السوريين الذين تجمعوا قرب حواجز للفصائل المعارضة.
عند بدء هجومها، خاضت الفصائل المعارضة خصوصاً في اليومين الأولين من الهجوم مواجهات عنيفة ضد الجيش السوري، ما أوقع عشرات القتلى من الجانبين.
ومع انسحاب القوات الحكومية من مواقعها من "دون أي مقاومة تذكر" في الأيام اللاحقة، وفق المرصد والفصائل المعارضة، سيطرت الفصائل على مدن استراتيجية خلال أيام، بدءاً من حلب مروراً بحماة ثم حمص وصولاً إلى دمشق.
ويعدّ الجيش السوري من أكثر المؤسسات التي استنزفت سنوات الحرب عديدها وعتادها، مع خسارته نصف عديده الذي كان مقدراً بـ300 ألف عسكري قبل 2011.
وخلال الأيام الأخيرة، أجمع محللون على عجز الجيش السوري عن استعادة المبادرة في الميدان، من دون دعم فعلي من حليفتيه روسيا وإيران.
وقال مصدر مقرب من حزب الله، فجر اليوم الأحد، إن مقاتلي الحزب المدعوم من طهران قاتل خلال الأعوام الماضية إلى جانب القوات الحكومية السورية، أخلوا كافة مواقعهم في محيط دمشق وفي منقطة حدودية مع لبنان، حيث كانوا يحتفظون بمقرات ومستودعات.
من يتولى السلطة؟
وفور إعلان الفصائل المعارضة "بدء عهد جديد" في سوريا، قال رئيس الحكومة السورية محمّد الجلالي الذي تولى مهامه في أيلول 2023، في بثّ عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، إنه مستعد "للتعاون" مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات "تسليم" للسلطة.
وردّ قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني في بيان داعياً المقاتلين إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسلّمها رسمياً.
ومع انسحاب الجيش السوري وغيابه بحكم الأمر الواقع عن كافة مناطق سيطرته، بما في ذلك منشآت حيوية، تواجه الفصائل المسلحة التي تتقاسم السيطرة في سوريا تحديات كبيرة مع وجود مجموعات ذات مصالح قد تكون متباينة.
ويقول الباحث في مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، مهند الحاج علي، إن "التحدي الأساسي اليوم يكمن في إعادة بناء الدولة السورية، والانتقال من مرحلة الفوضى والتشرذم"، مضيفاً: "حتى اليوم، أظهرت الفصائل وعياً حيال التعاطي مع الأقليات والأسرى، على أمل ترجمة ذلك في إعادة تكوين مؤسسات الدولة".