"الجبال" في حوار مطول مع "هيئة تحرير الشام".. حديث عن العراق والفصائل وحتى "نوري المالكي"

18 قراءة دقيقة
"الجبال" في حوار مطول مع "هيئة تحرير الشام".. حديث عن العراق والفصائل وحتى "نوري المالكي" عناصر من فصائل المعارضة السورية قرب قلعة حلب/ AFP

منذ أكثر من عام، يحبس العراق أنفاسه تحسباً من الدخول في الحرب أو القصف المفاجئ، أو حتى استخدام أجوائه في التوتر المستعر بمنطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر 2023، وحين بدأت البلاد تحاول التقاط أنفاسها، بعد قرار وقف إطلاق النار في لبنان، ظهرت الأزمة السورية، وما تتحدث السلطات العراقية عنه في أن "الأمن القومي بخطر". 

 

والانقسام على أية حال ظهر واضحاً حيال الأزمة السورية في البلاد. هناك فريق يقول إن العراق ليس من مصلحته الذهاب بعيداً مع نظام بشار الأسد ويجب أن يفتح حوارات مع "المعارضة المعتدلة"، أما الفريق الآخر، ـ وغالبه رسمي ـ يؤكد بشكل مستمر على أن الحراك الذي يجري في حلب وإدلب وغيرهما هو "إرهابي"، ولا سبيل للتلاقي معه، وفي ظل هذا الجدال، حاولت "الجبال"، أن تصل لأكثر ممثلي "الأزمة السورية" الحالية، حيث أجرت حواراً موسعاً مع القيادي في هيئة تحرير الشام وعضو إدارة العمليات العسكرية التابعة لها، نور الدين البابا. 

 

 

وعلى ما يبدو، فإن ما تصر عليه هيئة تحرير الشام كما تدّعي، يجري بما لا تشتهي سفن الحكومة العراقية، حيث يؤكد البابا على أنهم "مصرون على المضي في عمليتهم العسكرية لتحرير كامل سوريا"، كما تحدث عن العراق والفصائل العراقية، فضلاً عن المخاوف بسبب تاريخ التشدد والتطرف لدى هذه الجماعات، بالإضافة إلى أنه هاجم أحزاب العراق وبالتحديد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، وبالوقت نفسه، تحدث عن إمكانية التعاون والانفتاح على السلطات العراقية. 

 

"لا داع لمخاوفكم"، يقول البابا ويدّعي أن "نهج فصائل المعارضة شهد تحوّلاً، وتحولت أفكاره إلى حالة من النضوج والرشد"، كما تحدث عن "طرح وطني جاد وراشد ينطلق من قيم المجتمع السوري ولا يتجاوزها، وبنفس الوقت يحقق طموح كل الطوائف وكل الشعب السوري بالحرية والازدهار والكرامة"، مستشهداً بـ "البيان الأخير الذي خرج من إدارة الشؤون السياسية الذي يعنى بمخاوف جمهورية العراق".

 

وزعم القيادي في هيئة تحرير الشام أن "هناك جهوداً غير مباشرة للتواصل مع العراق، ونحن مهتمون بأن تكون هناك جهود مباشرة وتواصل رسمي بيننا وبين الجانب العراقي"، مضيفاً: "سأكون مسروراً لو أنني زرت العراق بشكل رسمي والتقيت بقيادات عراقية سياسية، ووضحنا وجهة نظرنا وناقشنا سبل تطوير العلاقات بيننا".

 

وفيما يلي نص مقابلة "الجبال" مع نور الدين البابا:

 

الجبال: أهلاً بك سيد نور الدين. بداية، منذ بدء العملية التي تطلقون عليها بـ"ردع العدوان"، هناك مخاوف جدية في العراق، على مستوى الحكومة وعلى مستوى النواب، ويتحدثون عن تكرار سيناريو 2014 ومخاوف من توجهكم إلى الحدود العراقية وتسللكم منها، وتكرار ما حدث عام 2014؛ كيف تعلّقون؟

 

نور الدين: بسم الله الرحمن الرحيم، أقدر تواصلكم الكريم وأشكركم عليه، ونقدّر مخاوف الأخوة في الجوار العراقي، نحن نريد علاقات متميزة مع جوارنا الجغرافي والإقليمي وجوارنا العربي والإسلامي، نحن نأمل أننا حلفاء مستقبليون معهم في تحقيق عملية الازدهار والتطور، التي فيها خير كل الشعوب وتقوم على المصالح المشتركة. وأنا كسوري أفهم المحبة الشديدة للعراق وشعب العراق، وتربطني بالعراق ذكريات جميلة جداً وعلاقات واسعة جداً، لست أنا كشخص فقط بل عموم الشعب السوري.

 هناك صورة مغلوطة أسست عنّا في الإعلام كان مردها شيطنة النظام السوري وبعض حلفائه الإقليميين والدوليين عن أننا دواعش أو أننا تكفيريون أو إسرائيليون. هذه الصورة مناقضة لأرض الواقع، والدليل أننا أكثر من قتل تنظيم داعش في سوريا وأكثر من قُتل على يد داعش الفصائل السورية التي تقوم اليوم بعملية ردع العدوان، هذا من الناحية العسكرية. ومن الناحية العقيدية الدينية، نحن أسسنا منهجاً شرعياً لمحاربة داعش كفكر وكطرح ديني وقيّمنا أن داعش تنظيم خارجي مخترق من جميع المخابرات العالمية. وأن داعش عدو للسنة ويوظف السنة في معارك عدمية لا تخدم إلا أعداء الإسلام.

كما أود أن أتحدث عن أن البعد والانقطاع وعدم التواصل يشكل حواجز، وهذه الحواجز نحن نهتم بكسرها، لذلك أقول عبركم وفي حال تمت استضافتي على قنوات وأنا أود صراحة استضافتي على قنوات عراقية، خاصة القنوات العراقية التي تنظر إلى الثورة السورية نظرة سلبية أو توالي وتؤيد بطرحها الطرح الإعلامي والسياسي للنظام السوري وإيران، اتشرف بالظهور على هذه القنوات لتقديم وجهة نظرنا والدفاع عنها. بل حتى اتشرف بزيارة العراق بشكل رسمي للالتقاء مع مسؤولين عراقيين أمنيين وعسكريين لتبديد المخاوف لديهم وتوضيح وجهة نظرنا، فنحن لا نكن لهم إلا كل الحب والتقدير.

 

الجبال: هل حدث لكم تواصل مع الجانب العراقي أم أنكم اكتفيتم بالبيان الذي نشرتموه مؤخراً؟

 

نور الدين: لا أعلم إن كانت هناك جهود حقيقية للتواصل مع الجانب العراقي، لكن هناك جهوداً غير مباشرة، ونحن مهتمون بأن تكون هناك جهود مباشرة وتواصل رسمي بيننا وبين الجانب العراقي. وأنا شخصياً أكون مسروراً لو أنني زرت العراق بشكل رسمي والتقيت بقيادات عراقية سياسية ووضحنا وجهة نظرنا وناقشنا سبل تطوير العلاقات بيننا وبين العراق.

 

الجبال: لكن عراقيين يقولون إن هيئة تحرير الشام أو ما يطلق عليها فصائل المعارضة السورية لها إرث من جبهة النصرة وهناك مسار طويل من التطرف والشعارات الطائفية؛ كيف تردون على هذا؟ 

 

نور الدين: أشكرك على هذا السؤال، وأنا أريد أن أجيبك عليه بشكل مفصّل. لو كان لدينا جذور في تنظيم القاعدة كمثال، بغض النظر عن أننا نخطّئ القاعدة أم نصوّبها. لكن القاعدة كمثال لو دُرست كحالة سياسية عسكرية أمنية ومجتمعية، ستجد أن حالة القاعدة هي حالة رد فعل لشعوب وأفراد مظلومين ومكبوتين. هناك أنظمة سياسية تعاقبت في إنزال المظالم بشعوب وأفراد الناس الذين انتموا لتنظيم القاعدة. وأنا هنا لا أتكلم بسياق التبرير لجرائم وأخطاء تنظيم القاعدة، بل اتكلم في حالة باحث يشرّح الحالة التي لديه. ما الذي غذّى تنظيم داعش في العراق سوى السياسات الطائفية لنوري المالكي ومعه أحزاب سياسية عراقية.

 

إذاً الأزمة الطائفية التي افتعلتها الأحزاب السياسية العراقية التي جاءت على ظهر الدبابة الأميركية هي من غذت مظلومية السنة في العراق ودفعت العراقيين دفعاً للارتماء بأحضان تنظيم داعش. أنا أدرك تماماً جانب الخطأ في حكم حزب البعث العراقي برئاسة صدام حسين، لكن هذه الأخطاء كان الأولى أن يتم احتواؤها وكان الأولى أن يتم توظيف كوادر الدولة العراقية لبناء الدولة العراقية الجديدة. حالة الإقصاء وحالة الطائفية التي وجِّه بها العراقيون وخاصة من السنة دفعت العراقيين باتجاه تنظيمات تقدم نفسها على أنها البديل وتنتهج نهج التشدد التكفيري في التعامل مع الآخرين وعلى رأسهم تنظيم القاعدة. هذا كحالة تفصيلية.

 

وكحالة سورية، شباب تنظيم القاعدة شباب سوريون ضمن الطريق، وهم اخطأوا الطريق بسبب الكبت السياسي في سوريا وانعدام جو الحريات والأحزاب السياسية والإعلام. لو كان لدينا الحريات والأحزاب السياسية لما شاهدنا الشباب السوري في هذه التنظيمات السياسية التكفيرية المتشدّدة.  فهؤلاء الشباب كردة فعل على حالة الكبت لجأوا إلى هذه التنظيمات. لكن بعودة هؤلاء الشباب إلى أهلهم في حالة من التحرر الشعبي العام بداية الثورة السورية، واحتكاكهم فيهم، فكان الموضوع لديهم أشبه بدخول المصح، هم دخلوا مصحّاً شعبياً عاماً للأفكار وطرق التكفير وحتى للأدوات والوسائل، وبدأوا بالابتعاد بشكل تدريجي عن أفكارهم وطروحاتهم القديمة ووسائلهم القديمة حتى وصلوا إلى حالة من الاعتدال يتماشون فيها مع حالة المزاج الشعبي العام الموجود في الثورة السورية، وأصبحنا نسمع منهم خطابا سياسياً متزناً  لم نكن نعهده من قبل.

 

الجبال: ماذا عن اليوم.. بماذا تؤمن هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة السورية الآن؟

 

نور الدين: اليوم، كل فصائل المعارضة السورية الفاعلة على الأرض والتي لديها وزن عسكري هي تحت إدارة العمليات العسكرية المشتركة (أي القيادة العامة)، هذه الفصائل لديها طرح وطني جاد وراشد ينطلق من قيم المجتمع السوري ولا يتجاوزها، وبنفس الوقت يحقق طموح كل الطوائف وكل الشعب السوري بالحرية والازدهار والكرامة. ومثال على ذلك البيان الأخير الذي خرج من إدارة الشؤون السياسية الذي يعنى بمخاوف جمهورية العراق.

 

الجبال: كانت هناك أفكار عابرة للحدود، هل نستطيع القول إن المعارضة السورية وبشكل من الأشكال تخلّت عن الأفكار العابرة للحدود وتعمل اليوم على المستوى الداخلي السوري وليس أكثر؟

 

نور الدين: إذا أردت توصيفاً حقيقياً، أنا أقول إن كانت هناك أفكار عابرة للقارات أو عابر للعوالم الموازية، لكنها كانت أشبه بحالة مراهقة، هذه المراهقة الحمد لله انتهت وتحولت إلى حالة من النضوج والرشد وبدأنا نرى ملامح هذا النضوج والرشد الذي لم يكتمل بعد بشكل كامل، لكنه على طريق الاكتمال. 

 

الجبال: أنتم تدّعون "السيطرة على حلب".. ماذا تريدون؟

 

نور الدين: نريد أن نجعل حلب نموذجاً للنظام السياسي الحر الديمقراطي الذي يعنى بالإصلاحات وبموضوع تطوير كفاءات الكوادر وإعادة النفوذ والاقتصاد، بحث تكون نموذجاً جاذباً للاجئين السوريين بالدرجة الأولى سواء الموجودين منهم في العراق أو تركيا أو لبنان أو الأردن او أوروبا، بحيث يعود هؤلاء اللاجئون إلى أرضية وطنية صالحة صالحة للاستثمار بها من الناحية الاقتصادية والنواحي الفكرية والعملية والخدمية. نريد أن نحرر كل سوريا من نظام بشار الأسد لأنه عدو لنا، لا نقبل معه القسمة على إثنين، لأنه دمّر سوريا من عشرات سنوات حتى الآن، وأجرم بحق السوريين من جميع الطوائف والقوميات. 

 

الجبال: إذًا لا نستطيع القول إن العملية التي تسمونها "ردع العدوان" هي لحلب وحسب؟ 

 

نور الدين: عملية ردع العدوان هي عملية إنسانية بالدرجة الأولى، وأنا أعني كلمة إنسانية، وهي ليست عملية عسكرية، يمكن أن تكون أدواتها عسكرية على الأرض، لكن من الناحية الفلسفية التي نحن انطلقنا منها ليست عملية عسكرية بل عملية إنسانية، الغاية منها هي تأمين المناطق المحرر التي كانت تقطنها أكثر من 4 ملايين مواطن سوري من استهدافات النظام السوري ضدهم، وخلق البيئة السورية الحاضنة لعودة اللاجئين السوريين إن كان من تركيا أو العراق أو الأردن أو غيرها. نحن ننطلق من مبادئ إنسانية في هذه العملية، هذه الحدود لا تحدها حدود بالمعنى الجغرافي، بل تحدها حدود سياسية بمعنى تحقيق وطن يستحق السوريون أن يعيشوا به.

 

الجبال: ماذا عن مخاوف السوريين في الداخل من تمددكم؟ 


نور الدين: نحن لسنا إقصائيين، ولا تستثني من بناء البلد سوريا ككل.. لا تستثني من هذا العقد الاجتماعي لا العلويين ولا الدروز ولا الكورد ولا المسيحيون ولا أي طائفة أو قومية في سوريا، الجميع معني بكتابة عقد اجتماعي جديد بعيداً عن إجرام بشار الأسد.

 

الجبال: أود الحديث معك عن توقيت العملية. البعض يرى أن العملية أتت في وقت أن "محور المقاومة الإيراني" في أضعف حالاته وأنتم استغليتم الفرصة للسيطرة على مناطق في سوريا؛ كيف تعلّقون؟ 

 

نور الدين: الإجابة هي مزيج من نعم و لا، لا لأننا نخطط لهذه العملية منذ أربع سنوات من الناحية العسكرية والسياسية والأمنية والخدمية. والنعم لأن هناك ظروف قدرية نحن لا نسيطر عليها أتت في صالحنا ونحن كنا مستعدين أساساً للفرصة. بغض النظر عن أننا انتهزنا فرصة هي متاحة لكن انتهازنا للفرصة كان أمراً قدرياً وتحصيل حاصل بناء على إعدادنا السابق. أما أصحاب هذا الطرح الذين يعيبوننا ويعيروننا بأننا استغلينا تحت الضعف ما يسمى بين قوسين (محور المقاومة) عليه أن يسأل ما الذي يفعله محور المقاومة في جبهات حلب وجبهات إدلب وجبهة حماة، ولماذا كان محور المقاومة قتل السوريين وهجرهم من أرضهم  أكثر من العدو الصهيوني الذي يفترض أن يكون المحور الذي يواجهه. ولماذا مر طريق محور المقاومة من طريق الزبداني وحمص وحماة وحلب ولم يمر بعد كل هذه الضربات وكل هذا الإذلال من جبهة الجولان السوري وجبهة جنوب لبنان. ولماذا ترك محور المقاومة غزة تُطحن على مدار سنة دون أن يؤازها باستثناء مؤازة خجولة هنا وهناك؟

 

الجبال: تقول الفصائل العراقية إن سوريا جزء مهم من طريق الإمداد لحزب الله ومحور المقاومة في لبنان وهم يعتقدون أن هذه العملية أتت لقطع الطريق وإضعاف محور المقاومة بدعم تركي إسرائيلي.. كيف ترد على هذه السردية؟

 

نور الدين: هذه السردية تكذبها الجغرافية، لأن كلنا نعلم أن خط الإمداد لحزب الله يمرّ أساساً من مدينة البوكمال السورية على الحدود العراقية، ثم يتّجه باتجاه تدمر فحمص ومن ثم إلى لبنان بعدة طرق. بينما العملية التي بدأناها انطلقت من مدينة حلب وإدلب وحماة في أقصى شمال سوريا، ما الذي يفعله محور المقاومة على جبهاتنا في شمال غرب سوريا، بل كيف انخرط أساساً محور المقاومة في القتال ضد الشعب السوري وضد ثورة الشعب السوري؟ حزب الله ألد أعداءنا هو من أقحم نفسه وأدخل نفسه في المعركة بناء على أوامر وإملاءات إيرانية، وهو يعرف نفسه على أنه جزء من الجمهورية الإسلامية العظمى التي يقودها الوليّ الفقيه. محور المقاومة حقيقة هو من أدخل نفسه في الأزمة وحشر نفسه في الزاوية، وبعد أن نزلت به الضربات يميناً ويساراً صار يقول بأننا نحن السبب.. حسناً، بغض النظر عن عملية ردع العدوان، ما قبل عملية ردع العدوان كيف كان محور المقاومة  من الناحية العسكرية، كان أداؤه مخجلاً بل حتى مخز جداً ونحن كنا لم نتحرك بعد. أرجو أن لا يحملوننا فشلهم وسوء تقديراتهم للأمور ومراهقتهم العسكرية والسياسية.

 

الجبال: إذًا أنتم تنفون وجود أي علاقة أو نية لديكم لقطع طريق إمداد حزب الله أو "محور المقاومة"؟ أو حتى أن الهدف الرئيس للعملية يكمن بهذا الشيء؟

 

نور الدين: من ناحية سياسية مجردة، هل يعيبني أن التقط نقطة ضعف خصمي الذي هجّرني وهتك عرضي لاستغلاله ضدّه في الميدان؟ هل هذا أمر معيب في السياسة؟ هل هو معيب في الحرب؟ لكن أنا أقول دعنا ننظر إلى الأمور بمهنية وموضوعية وتجرّد ونرى الأمر بنظرة محيطة شاملة، سنرى أن محور المقاومة هو  فقط يسوّق لنفسه عبر "بروباغاندا" لتبرير فشله الذي لا علاقة لنا به لا من قريب ولا من بعيد. هو من وضعه نفسه في هذه الخانة وهو المعني بالإجابة عن هذه التساؤلات.

 

الجبال: يعني إن كنتم تنوون إغلاق طريق الإمداد جغرافياً أو أن يكون هذا الهدف المحدّد لما كنتم تتوجهون إلى حلب؟

 

نور الدين: تماماً، أنا قلت لك، نظرة على الجغرافيا تحلّ الإشكال.

 

الجبال: أريد أن أتحدّث عن الجزئية الكوردية.. كيف ترون قسد؟

 

نور الدين: نحن نفصل بين قسد كـ (قوات سوريا الديمقراطية)، العمود الأساسي لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) السوري، وبين حزب العمال الكوردستاني وبين المكون الكوردي الذي هو جزء من المكون السوري العام. هم أحد المكونات الاجتماعية التي مورس ضدها الاضطهاد من قبل النظام السوري بشكل عام كاضطهاده لعموم السوريين، وبشكل خاص لأن النظام السوري كان يملك أيديولوجيا عنصرية قومية متطرفة. ثانياً، نحن لم نبادل حزب العمال الكوردستاني العداء ابتداء بل حاولنا تحييده عن المعركة، لكن انحياز  حزب العمال الكوردستاني إلى النظام السوري بناء على العلاقات التاريخية بين حزب العمال والمخابرات السورية التي كانت تستعمله أداة للضغط على تركيا وللسيطرة على الكورد في سوريا، هذا الانحياز الخاطئ له هو ما جعله في مواجهتنا. نحن بوصلتنا الأساسية هي النظام السوري.

 

الجبال: يعني لم يكن أحد أهدافكم في ما تسمونه بـ"ردع العدوان" تحييد قسد ومحاربته بالتحديد كما أشيع؟

 

نور الدين: نحن في عملية ردع العدوان يهمّنا قدر الإمكان تحييد ما أمكن من المكونات المعادية لنا، حتى على مستوى عساكر النظام السوري وضباطه، نحن أعلنا بشكل واضح أن أي عنصر لم يتعرّض لنا لم يتورط بهدر دماء الأبرياء من السوريين أو بهتك أعراضهم أو خطفهم وتغييبهم قسراً وتعذيبهم، وليس للآخرين حقوقاً عليه أو قتل منا كعسكريين، بمجرد أن يلقي سلاحه ويلزم بيته فهو آمن، وستكون هناك آلية قانونية أمنية سيُعلن عنها قريباً بتسوية تطوع وإعادة دمج وخرط المجتمع السوري. إذا كان هذا خطابنا على مستوى عدونا الذي هو النظام السوري، كيف تتوقع أن يكون خطابنا على مستوى عدو ثانوي هو وضع نفسه في خانة العداء لنا مثل حزب العمال الكوردستاني. نحن نرجو من حزب العمال الكوردستاني الانسحاب من مناطقنا بأقل التكاليف الممكنة، بدون أي خسائر بشرية من طرفنا أو طرفه، وبدون أي خسائر مادية.

 

الجبال: هل انسحبوا من تل رفعت؟

 

نور الدين: نعم تمت السيطرة على كل وغالب المناطق التي كان يسيطر عليها حزب العمال الكوردستاني غرب الفرات، وهناك مشاورات ومفاوضات لكي يخرج ما تبقّى من فلول في مناطق يحتلها بشرق الفرات. 

 

الجبال: وسائل إعلام سورية، وبالتحديد المرصد السوري لحقوق الإنسان، يتحدث عن وجود 100 إلى 200 ألف كوردي في تل رفعت وتلك المناطق يريدون النزوح نحو مناطق قسد، لكنكم توقفونهم.. هل هذا صحيح؟

 

نور الدين: المرصد السوري لحقوق الإنسان دائماً أثبت أنه غير موضوعي في طرحه، بل ومتحيّز لأطراف دون أخرى، بدرجة تجعله يحبك الروايات غير الصحيحة ويحشر روايات غير صحيحة.

 

الجبال: توجد صور وفيديوهات تدلّ على ذلك..

 

نور الدين: أنا أقول، هؤلاء المئتي ألف أنا حريص كإدارة العمليات في القيادة العامة على بقائهم في مناطقهم الأصلية التي خرجوا منها وأنا حريص على عودتهم إلى تلك المناطق، وأنا حريص على أن ينالوا كامل حقوقهم وما يستحقونه من تقدير رمزي واعتذار لردّ الاعتبار. لكن أنوّه إلى نقطة مهمّة بأن منطقة عفرين هي منطقة لا تخضع لإدارة العمليات العسكرية المشتركة (القيادة العامة)، بل تخضع لما يسمى الجيش الوطني الذي يتبع الحكومة السورية المؤقتة التابعة لما يسمى بالائتلاف السوري لقوى الثورة. هم نزحوا أساساً من مناطق لا تتبع لنا عسكرياً ولا تخضع لنا، هذه المشكلة ليست مشكلتنا، مع ذلك نحن متعاطفون معهم، وحريصون على أمنهم، إن شاءوا البقاء أمّناهم وإن شاءوا الرحيل وهو خيار مؤسف بالنسبة لنا نعينهم على خيارهم، مع أننا نكون آسفون ونود بقائهم في مناطقهم.

 

الجبال: هل لديكم رسالة أخرى تريدون إيصالها؟

 

نور الدين: أنا جاهز للظهور على القنوات العراقية التي تتبع الحشد الشعبي وحتى التي تتبع إيران بشكل مباشر. بل وفي حال تلقيت دعوة رسمية من الحكومة العراقية لإجراء زيارة إلى العراق والالتقاء بالقيادات السياسية والأمنية العراقية أو العسكرية، فأنا جاهز لتلبية هذه الدعوى، ومعنيّ بتبديد شكوك جميع دول الإقليم والجوار. في نوايانا نتطلع لبناء علاقات قائمة على حسن الجوار وعلاقات أخوّة وتآلف وازدهار مع محيطنا العربي والإسلامي.

بژار شريف صحفي

نُشرت في الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 10:00 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.