ما صحة الحديث عن إمكانية التحالف بين الصدر والمالكي خلال المرحلة المقبلة؟

7 قراءة دقيقة
ما صحة الحديث عن إمكانية التحالف بين الصدر والمالكي خلال المرحلة المقبلة؟

الخشية من التحالف مع السوداني حاضرة

ظهر رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أكثر من مرة، وهو يبدو ملمحاً إلى أن حكومة محمد شياع السوداني لن تبقى لولاية ثانية، مرة عبر الدعوة لإجراء الانتخابات المبكرة، وتارة عبر تصريحات من أعضاء ائتلافه تلمح لتقارب مع التيار الصدري، بالتزامن مع تصريحات أشاروا فيها إلى أنّ مرشحهم الوحيد لرئاسة الوزراء هو المالكي.

وفيما يعد المالكي ومقتدى الصدر، من أبرز الخصوم في العملية السياسية، يتحدث عديدون عن محاولات تواصل يجريها ائتلاف المالكي مع التيّار الصدري، لكن أي من الطرفين لم يقر بوجود تقارب "رسمي"، على الرغم من كشف ائتلاف دولة القانون عن رسائل تلقاها من التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري سابقاً)، تفيد بوضع شروط مقابل التحالف مجدداً، أبرزها ما يخص منصب رئيس الحكومة.

 

القيادي في ائتلاف دولة القانون عبد الرحمن الجزائري، يؤكد وجود ما يصفه بـ"الاختلاف القوي" بين التيار الوطني الشيعي وبعض أطراف الإطار التنسيقي، "لكن الخلاف هو الأقل ما بين الصدريين وائتلاف دولة القانون، كوننا من نفس الخط الصدري والمدرسة الصدرية"، على حد تعبيره.

 

ويكشف الجزائري في حديث لـ"الجبال"، عن أن "الحديث عن وجود تقارب ما بين الصدر والمالكي هو مجرد مناورة، فلا يوجد أي شيء رسمي حتى اللحظة، لكن هناك رسائل وصلت إلينا من بعض قيادات التيار الوطني الشيعي".

وتفيد الرسائل بحسب الجزائري بأنه "إذا كانت هناك حوارات ومفاوضات مع ائتلاف دولة القانون فستكون مبنية على أسس وشروط، أبرزها أن تكون رئاسة الوزراء للتيار الشيعي الوطني، ونحن لدينا اعتراض على هذا الأمر، فنحن مع أن يكون رئيس الوزراء المقبل نوري المالكي".

وكان المالكي، صرح مؤخراً، بضرورة إجراء الانتخابات المبكرة، لكونها مضمنة في المنهاج الحكومي الذي قدمه السوداني، الذي تم بموجبه التصويت على حكومته.

 وسرعان ما قوبل طرح المالكي، برفض واسع من قبل قوى الإطار التنسيقي، حيث أكدت على ضرورة إكمال حكومة السوداني لمدتها الدستورية كاملة، ولا يوجد ما يستدعي إجراء انتخابات مبكرة.

ويأتي طرح المالكي، في وقت يشير عديدون فيه إلى أنّ الصدر بدأ بالعودة تدريجياً للعملية السياسية، عبر تغيير اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، وبدأت التصريحات تتوالى من المقربين منه بشأن العودة للعملية السياسية، لكن لم يحدث ما هو رسمي حتى الآن.

 

 

 

السوداني أقرب للصدريين

 بالمقابل، نفى مسؤول كبير في "التيار الوطني الشيعي"، وجود تقارب مع المالكي، بل أكد أن الرفض الصدري لتولي المالكي رئاسة الحكومة مجدداً ما زال قائماً.

 وبحسب المسؤول، الذي رفض الكشف عن اسمه، في تصريحه لـ"الجبال"، فإن "أي تقارب مستقبلي مع المالكي، لا يعني القبول بعودته لرئاسة الوزراء".

ويقول إنّ "التيار الصدري لم يطرح أو يناقش من سيكون حليفه ومن يكون معه وسيكون ضده، فهذا الأمر يعتمد بالدرجة الأساس على نتائج الانتخابات والمفاوضات التي ستجري بعدها"، مضيفاً أن "المالكي مستعد لفعل أي شيء من أجل عدم السماح لمحمد شياع السوداني بالحصول على ولاية ثانية، فهذا يهدد مستقبله ونفوذه السياسي، ولهذا هو مستعد للتحالف مع الصدريين مقابل منع السوداني من تولي ولاية ثانية، رغم أن السوداني ربما يكون الأقرب للصدريين خلال المرحلة المقبلة".

يذكر أن الخلاف بين الصدر والمالكي، يعود إلى عام 2007 عندما انسحب وزراء التيار الصدري احتجاجاً على رفض المالكي تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من البلاد، الأمر الذي قلل المالكي من تأثيره، واشتد الخلاف بعد عام واحد فقط عندما أطلق المالكي خلال ترأسه الحكومة الأولى، عملية عسكرية واسعة في البصرة ومحافظات جنوبية أخرى سميت بـ"صولة الفرسان"، جرى خلالها قتل واعتقال المئات من عناصر "التيار الصدري" خلال مواجهات واسعة استمرت أسابيع عدة، وكانت تحت عنوان ضبط الأمن وسيادة القانون في تلك المناطق.

 

 

 

رد من الإطار على ترشيح المالكي

 

تحالف الفتح الذي يتزعمه الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، رد من جانبه على قضية ترشيح المالكي من الآن لرئاسة الحكومة، حيث وصف الأمر بأنه "طموح مشروع"، لكنه مرهون بنتائج الانتخابات وتوافق جميع الكتل.

ويؤكد عضو التحالف علي الفتلاوي، في تصريح لـ"الجبال"، أن "الحديث عن ترشيح أي شخصية لرئاسة الوزراء من الآن والترويج لها أمر غير صحيح، فلا يمكن مناقشة حتى هذا الملف، إلا بعد الانتخابات وكل طرف سياسي يعرف حجمه وفق ما يحصل عليه من مقاعد في مجلس النواب".

ويبين الفتلاوي، أن "قوى الإطار التنسيقي ليس لديها أي فيتو على أي شخصية ترشح لرئاسة الوزراء، لكن هذا الأمر يخضع لنقاشات وحوارات واتفاقات، وهذا الأمر غير مطروح حالياً إطلاقا، والكل ينتظر ما ستنتج عنه انتخابات مجلس النواب المقبل، وعلى إثر ذلك ستكون الحوارات والنقاشات".

ويشير إلى أن "الإطار التنسيقي مع اختيار رئيس وزراء يحظى بدعم وتأييد كل الأطراف السياسية الشيعية بما في ذلك التيار الصدري وباقي الشركاء السياسيين، والحديث عن ترشيح شخصيات لرئاسة الوزراء من الآن هو طموح وهذا الأمر طبيعي بالعمل السياسي والديمقراطي".

يشار إلى أن التنافر بين الجانبين (الصدر والمالكي) استمر حتى الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول أكتوبر 2021، وشهدت الحملات الانتخابية تهديداً ووعيداً من قبل الطرفين.

وبعد الفوز للصدريين الذين حصلوا على أكثر من ضعف ما حصل عليه ائتلاف المالكي (34 مقعداً) أكد الصدر نيته تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" لا تضم المالكي، بحسب تسريبات اللقاءات التي جمعته بـ"الإطار التنسيقي" الذي يضم المالكي وقوى أخرى معترضة على نتائج الانتخابات، والتي أشارت إلى أن الصدر يرفض بشكل قاطع أي وجود للمالكي في الحكومة الجديدة، إلا أن الصدر، وفي آب/أغسطس 2022، قال إنه قرر الانسحاب من العملية السياسية في البلاد وعدم المشاركة بأي انتخابات مقبلة، وذلك بعد اشتباكات الخضراء الدامية.

 

 

 

"محاولة لإبعاد السوداني"

 

وفي خضم ما يجري، يرى المحلل السياسي أحمد الشريفي، أن "إعلان دولة القانون ترشيح زعيمها نوري المالكي لرئاسة الوزراء من الآن، محاولة لقطع طريق الولاية الثانية أمام السوداني، وهو إعلان واضح وصريح لرفض التجديد للسوداني من قبل المالكي".

 

 

ويؤكد الشريفي، أن "هناك خشية حقيقية لدى دولة القانون وأطراف أخرى في الإطار التنسيقي من وجود تقارب ما بين الصدريين والسوداني خلال المرحلة المقبلة، ولهذا الكل يريد من الآن التقرب للتيار الصدري ومغازلته بطرق مختلفة، فالكل يدرك أن الصدريين سيكونون الرقم الصعب في المرحلة المقبلة".

سام محمود

نُشرت في الجمعة 2 أغسطس 2024 09:20 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.