وبحسب الصحيفة، "واعتماداً على كيفية تطور القتال في الأسابيع والأشهر المقبلة، فإن سقوط حلب قد يعطي أنقرة أيضاً دوراً مهيمناً في مستقبل سوريا ــ وهو احتمال ليس بالضرورة أن ترحب به إسرائيل".
وأضافت: "لقد بذل الرئيس السوري بشار الأسد قصارى جهده للحفاظ على الهدوء منذ أن تحول الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى حرب إقليمية بين إسرائيل وإيران ووكلائها. ومع ذلك، فإن هذه المناورة ــ بما في ذلك التقارب الأخير مع ممالك الخليج التي كانت تمول المتمردين ذات يوم ــ لم تمنع نظام الأسد من التورط في الدوامة التي تعيد تشكيل الشرق الأوسط".
وأردفت: "لقد تجاوز سقوط المدينة ليلة الجمعة، والذي تم الإشادة به باعتباره معجزة في مقاطع فيديو تم نشرها من قلعة حلب القديمة، توقعات المتمردين بقيادة الإسلاميين الأكثر جنوناً. (...) وسوف يظهر القتال في الأيام المقبلة ما إذا كان الجيش السوري قادراً على إعادة تجميع صفوفه وشن هجوم مضاد ــ أو أنه سيواصل الانسحاب الفوضوي من مراكز سكانية رئيسية أخرى".
وذكر التقرير أن "العامل الأكثر أهمية وراء خسارة الأسد لحلب هو الهزيمة التي ألحقتها إسرائيل بحزب الله. فبفضل الدعم الإيراني والروسي، كانت الميليشيا اللبنانية هي الميليشيا الأكثر قدرة على القتال لصالح الأسد، وكانت ذات دور فعال في صد مكاسب المتمردين في الماضي".
وتنقل الصحيفة عن أحد الباحثين في الشأن السوري، قوله إن "حزب الله أصبح عاجزاً. وقد خلق هذا فراغاً هائلاً. فرغم وجود قوات النظام في حلب، إلا أنها لم تكن مدربة، وكانت تفتقر إلى الانضباط العسكري، وكانت تفتقر إلى التكتيكات، وحتى خطة الانسحاب كانت كارثية".
ومنذ بدأت حرب غزة، فقدت إيران أيضاً بعض كبار قادة الحرس الثوري في سوريا ولبنان بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية. وبدلاً من استعراض القوة، أسفر رد إيران على إسرائيل عن قصف إسرائيل للدفاعات الجوية الإيرانية ومرافق إنتاج الأسلحة. وكان هذا بمثابة ضربة للقوة العسكرية والهيبة السياسية لطهران على حد سواء، وفق السوريا.
أما بالنسبة لروسيا، تم الترويج للتدخل في عام 2015 لإنقاذ نظام الأسد باعتباره انتصاراً جيوسياسياً كبيراً أزاح الولايات المتحدة عن مكانتها باعتبارها القوة المهيمنة الوحيدة في الشرق الأوسط. ثم جاء غزو أوكرانيا في عام 2022، والذي تحول بدلاً من النصر السريع الذي توقعه بوتين إلى حرب استنزاف دموية. تكبدت القوات الروسية النظامية مئات الآلاف من الضحايا وفقدت عدة آلاف من الدبابات والمركبات القتالية منذ ذلك الحين. كما تم تدمير مجموعة فاغنر شبه العسكرية، التي لعبت دوراً حاسماً في سوريا، وقتلت قيادتها في أعقاب الانقلاب الفاشل ضد بوتن في العام الماضي.
ورغم أن "القوات الجوية الروسية نفذت سلسلة من الغارات الجوية في سوريا في الأيام الأخيرة، فإن هذه الضربات كانت محدودة ولم تفعل الكثير لوقف تقدم المتمردين".
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية، إن "الروس مشغولون للغاية في أوكرانيا، وهذا جزء كبير من الأمر. الحمد لله على وجود الأوكرانيين"، بحسب التقرير.
وأضاف التقرير: "في مسعى لتجنب أخطاء الماضي وإبراز صورة الاعتدال، حث القائد العسكري لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني أتباعه من السنة على تجنب إيذاء الشيعة وغيرهم من الأقليات، والحفاظ على النظام في المدينة. وقال في مرسومه: "كانت حلب دائمًا - ولا تزال - ملتقى الحضارات والثقافات، ولها تاريخ طويل من التنوع الثقافي والديني".
وتابع: "في حين استفاد متمردو هيئة تحرير الشام ــ ورعاتهم الأتراك ــ من الضربات الإسرائيلية على حزب الله ومواقع في إيران وسوريا، فإن توقيت الهجوم على حلب كان مرتبطاً على الأرجح بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه للتو في لبنان".
وقال السفير الأميركي السابق في سوريا وزميل معهد الشرق الأوسط روبرت فورد، إنه "لقد كان المسلحون مستعدين لبعض الوقت. وأعتقد أن الأتراك هم الذين كانوا يمنعونهم من التقدم. ولكن الآن، بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار في لبنان، لم يعد الهجوم على حلب يبدو وكأنه قتال من جانب تركيا لعدو إسرائيل".