السوداني محاصر بالدعاوى القضائية على خلفية "شبكة التنصت".. والمالكي سمع كلاماً "غير لائق"

7 قراءة دقيقة
 السوداني محاصر بالدعاوى القضائية على خلفية "شبكة التنصت".. والمالكي سمع كلاماً "غير لائق"

طوق من الأزمات تحيط برئيس الحكومة محمد شياع السوداني،  بدأت شدتها منذ الكشف عن "شبكة التنصت" في مكتبه، حيث اتسعت عندما قدمت شخصيات سياسية بينهم نواب ورؤساء كتل، شكاوى ضد رئيس الحكومة على خلفية ملف "التجسس".

 

أبرز من تقدم بشكوى ضد رئيس الحكومة، هو رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بحسب ما قاله نواب.

 

وفٌسرت مواقف المالكي الأخيرة، بأنها "تحرك للإطاحة بالسوداني"، إذ دعا في أكثر من مناسبة إلى إجراء انتخابات مبكرة، وكذلك إلى اعتماد النظام الرئاسي في العراق، "للتخلص من المشاكل التي تعصف بالنظام السياسي الحالي"، وفق تعبيره.

 

"شبكة التنصت"

 

ليس المالكي وحده من لا يرغب ببقاء السوداني، إذ تحوّل الكثير ممن كان داعماً للحكومة في بداية تشكيلها ليصبح مؤخراً ضدها، وهذا ما يمكن ملاحظته عبر تدوينات السياسيين، فضلاً عن المحللين السياسيين المنضوين ضمن الإطار التنسيقي. 

 

وهناك سياسيون ونواب "بدأت عليهم ملامح الامتعاض والندم بعد تصويتهم على اختيار محمد شياع السوداني رئيساً للحكومة"، وفق ما تحدث به عضو مجلس النواب ياسر الحسيني.

 

الحسيني يؤكد في حديث لمنصة "الجبال"، ورود كتاب الى مجلس النواب من مجلس القضاء الأعلى يتيح إقامة شكوى ممن يشعر بأنه اُستهدف من قبل "شبكة التنصت".

 

الكتاب الذي تحدث عنه الحسيني لم يرد إلى مجلس النواب فقط وإنما ورد إلى رؤساء كتل وسياسيين، مما دفع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وسياسيين آخرين ومن ضمنهم النائب ياسر الحسيني، حسب ما تحدث به، لتقديم شكوى قضائية ضد السوداني كون الشبكة كانت تعمل من داخل مكتبه.

 

ويلفت النائب الحسيني إلى أن "أغلب الطبقة السياسية التي صوتت على السوداني لتوليه الحكومة، ممتعضة ونادمة على قراراتها؛ لأن الحكومة لم تتوجه باتجاهات حقيقية تلبي طموح المواطنين والتي تحفظ للدولة مكانتها وهيبتها".

 

وحذر عضو مجلس النواب من "الانهيار الاقتصادي والمالي، في حال استمرت الإخفاقات والتخبطات في الحكومة الحالية".

 

وتتواصل التحقيقات في العراق للشهر الثالث على التوالي، مع مسؤولين بالمكتب الحكومي والأمانة العامة مجلس الوزراء، أبرزهم محمد جوحي الذي يُوصف بأنه "مسؤول خلية التنصت"، التي يتورط معه نحو 20 آخرين بينهم مسؤولون أمنيون وآخرون موظفون في قسم مسؤول عن الجانب الفني والمعلوماتي في المكتب الحكومي.

 

اعترافات جوحي

 

من جهته، أبدى القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف، رأياً لا يتوافق مع الحسيني، إذ يرى أن "المالكي كان رافضاً لترشيح السوداني إلى رئاسة الوزراء، لكن بعد الاستعانة بحزب الفضيلة مقابل الحصول على وزارة الكهرباء وافق المالكي على ترشيح السوداني".

 

ويقول عبد اللطيف في حديث لمنصة "الجبال"، إن "محمد شياع السوداني هو المسؤول عن الضجة الأخيرة المتمثلة بملف التنصت، والتي لم تكن سابقاً في تاريخ العمل السياسي أو بين القوى السياسية"، مبيناً أن "وجود مكتب يتنصت على قياديين وسياسيين وعوائلهم سبب أزمة في المشهد السياسي".

 

وتقدم المالكي "بشكوى بحق السوداني لأنه استلم مجموعة من الأوراق التي سربت له ووجد أن الكلام الذي تكلم به السوداني غير لائق مع شخصية مثل المالكي"، وفق النائب السابق.

 

ويلفت إلى أن "محمد جوحي الذي ألقى القبض عليه وهو في مكتب السوداني قد كتب إفادة بأكثر من ستة وثلاثين صفحة، مرجحاً بأن "الـ36 صحفة هي اعترافات على كثير من الذين يعملون معهم في الشبكة". 

 

ويشير عبد اللطيف إلى أن "شبكة التنصت كان مخصصاً لها مبلغ كبير من رئيس مجلس الوزراء وتتابع الكثير من الشخصيات حتى وصلت إلى العائلة، وبالتالي من حق المالكي أن يقيم الشكوى ويطالب بالتعويض ومحاسبة المقصر".

 

وفي أواخر أيلول الماضي، أكد عضو مجلس النواب مصطفى سند أن القضاء العراقي أثبت "شبكة التنصت".

 

وقال سند، في مقطع مصور من أمام محكمة تحقيق الكرخ الأولى، في بغداد إن "(شركة زين) وشركة (آسيا سيل) للاتصالات أثبتتا بالدليل القاطع للقضاء العراقي وجود تنصت وتجسس على بعض النواب والشخصيات السياسية عام 2023 و2024".

 

وأشار سند إلى أن "الشخصيات المتورطة هم موظفون ومقربون أيضاً من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني"، وذكر: "حيدر ليث السوداني، مدير مديرية الإنصات في جهاز المخابرات، وحيدر شياع صبار السوداني، شقيق رئيس الوزراء، وهو الآن هارب في تركيا، وعبد الكريم السوداني السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وشخصية كبيرة رابعة سيجري ذكرها في وقت آخر"، وفقاً لقوله.

 

دعاوى قضائية بالجملة

 

وتجاوز عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد "شبكة التنصت"، 80 دعوى، رفعتها شخصيات سياسية وعامة وأعضاء في مجلس النواب.

 

الى ذلك، يرى الأكاديمي والباحث بالشأن السياسي علاء مصطفى، أن شبكة التنصت أخذت أبعاداً خطيرة، وهي "أخطر زلزال عصف بالعملية السياسية بعد العام 2003".

 

واعتبر مصطفى في حديث لمنصة "الجبال"، ما حدث في ملف شبكة التنصت، "اختراق خطير لأهم مؤسسة في العراق، كون السلطة التنفيذية تعد هي الأقوى في العراق".

 

"شبكة التنصت اخترقت الأمن الاجتماعي، واستهدفت شخصيات سياسية مهمة"، يقول مصطفى ويضيف أن "11 نائباً تقدم بدعوى قضائية ضد الشبكة، فضلاً عن 70 شخصية أخرى تقدمت بشكاوى".

 

وكان النائب مصطفى سند قد كشف في تدوينة في شهر آب الماضي، قال إن "محكمة تحقيق الكرخ (في بغداد) المختصة بقضايا الإرهاب اعتقلت شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء، وعلى رأسهم المقرب محمد جوحي وعدد من الضباط والموظفين".

 

وبحسب وثيقة حكومية مُتداولة، فإن محمد جوحي جرى نقله عام 2020 من وزارة الصحة إلى رئاسة الجمهورية، في زمن برهم صالح، وبعد تسلم السوداني منصبه تم نقله إلى مكتب رئيس الوزراء، للعمل بصفة نائب مدير عام شؤون الموظفين في المكتب.

 

واشار سند حينها إلى أن "الشبكة كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين إضافة إلى أنها "تقوم بتوجيه جيوش إلكترونية وصناعة أخبار مزيفة وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات".

 

وأكد أن "الشبكة اعترفت على أعمالها وتم تدوين أقوالهم ابتداءً وقضائيةً"، مبيناً أن "من ضمن الاعترافات الكثيرة انتحال رقم سعد البزاز، مالك قناة الشرقية الفضائية، وإرسال صورة مفبركة للقناة تحتوي صورة أربعة نواب لخبر كاذب، وإرسال الصورة على أرقام هواتف جميع النواب على الخاص".

 

ولفت الى أن "هناك عدة ضغوطات تمارس من أجل إخراجهم لكن لم يخضع القاضي المختص لتلك الطلبات، وبدورهم، قام النواب المتضررون بتقديم الشكاوى".

 

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الجمعة 15 نوفمبر 2024 01:03 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.