أسعار عقارات بغداد تفوق مدن أوروبا.. واللهيب وصل للأراضي الزراعية

6 قراءة دقيقة
أسعار عقارات بغداد تفوق مدن أوروبا.. واللهيب وصل للأراضي الزراعية

عقارات بغداد

22 مليون دينار عراقي للمتر الواحد، حوالي (15 ألف دولار)، للمناطق السكنية وضعف هذا السعر في المناطق التجارية، هكذا وصلت أسعار بعض العقارات في العاصمة بغداد. ارتفاع مخيف جعل من بيوت العاصمة الأغلى في العالم، متجاوزة المدن الأوروبية بثمنها الباهظ.

 

قانون الاستثمار العراقي، والفجوة بين العرض والطلب جعل قيادة التحكم في بورصة الأسعار بيد المستثمرين، فيما يروم مجلس النواب التحرك تجاه تعديل القانون في محاولة لكبح جماح الغلاء الفاحش لأسعار السكن في بغداد.

 

ولا تقتصر الأسعار على الأراضي النظامية والتي تسمى بـ"الطابو الصرف" وإنما شَمل الارتفاع أراض مصنفة على أنها زراعية وليست سكنية، إذ يجري البناء عليها بشكل مخالف، فيما يأمل ساكنوها تحولها لأحياء سكنية كاملة على أمل تغيير جنس الأرض من قبل الحكومة، من زراعية إلى سكنية.

 

وعندما تتجول في العاصمة أو تتصفح في مواقع التواصل الاجتماعي، تشاهد إعلانات ضخمة لمجمعات سكنية حديثة بأسعار باهظة، في وقت يصل فيه متوسط الدخل الشهري للمواطن العراقي 544 دولاراً (800 ألف دينار عراقي)، بحسب موقع "نومبيو" الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم. لكن الغريب في ارتفاع أسعار العقارات هو أن بغداد تختنق بالازدحامات المرورية، تغرق طرقها بالمياه بعد الأمطار، وتكتظّ بأسلاك المولدات الكهربائية، أي أن بنيتها التحتية لا تتناسب مع أرقام الأموال المطروحة، وفق العديد من المختصين. 

 

لهيب الأسعار شَمل أراض غير قانونية

ماهر محسن، صاحب مكتب لبيع وشراء العقارات في جانب الكرخ ببغداد، قال إن "سعر المتر الواحد في العاصمة بغداد، يختلف من منطقة إلى أخرى، إذ تجاوز الـ5000 دولار حوالي (7 ملايين دينار عراقي) في منطقة المنصور".

 

"الرقابة غائبة، لا محاسبة على تسعيرة العقارات"، حسب قول محسن الذي أشار في حديث لـ "الجبال" إلى أن "كل مستثمر يبيع بالسعر الذي يرغب فيه دون ضوابط، حتى أصبحت منطقتا المنصور واليرموك أغلى من المدن الأوروبية".

 

بدأ سكان العاصمة يتّجهون نحو الأراضي الزراعية وإلى أطراف بغداد للسكن في أراض بأسعار مناسبة لهم، بعيدة عن المركز، بحسب محسن.

 

وزحف ارتفاع أسعار العقارات إلى جانب الرصافة، وفقاً لكريم كولان، صاحب مكتب للوساطة في بيع العقارات بمنطقة البلديات شرقي العاصمة، الذي قال إن "سعر المتر في الأراضي الزراعية ضمن منطقة البلديات وصل إلى مليون دينار عراقي، وهي تفتقر إلى السند الرسمي".

 

ذكر كولان في حديث لـ"الجبال"، أن "هناك مناطق في جانب الرصافة أسعارها مقاربة لمناطق الكرخ، كالبنوك وزيونة والأعظمية وشارع فلسطين والكرادة. سعر المتر الواحد في المنطقة التجارية بزيونة يصل إلى نحو 10 آلاف دولار، بينما سعر المتر السكني يصل إلى 3500 دولار بحسب موقعه"، مضيفاً أن "سعر المتر الواحد في شارع فلسطين الملاصق لمدينة الصدر يتراوح بين 2500و3000 دولار، والمتر التجاري ما بين 8000 إلى 10 آلاف دولار".

 

وحسب وزارة الإعمار والإسكان، فإن نسبة العجز بالوحدات السكنية بلغت 53٪ في عام 2021، لكنها تقلصت الى 42٪ بعد إنشاء أكثر من 450 مجمعاً سكنياً جديداً، وإصدار حكومة محمد شياع السوداني القرار بتمليك العشوائيات إلى ساكنيها، والتي تفتقر الى البنى التحتية المتعلقة بالخدمات الصحية والتعليمية والأمنية.

 

قانون الاستثمار وسع الأزمة

"السبب الرئيس لارتفاع أسعار العقارات في العاصمة بغداد، يكمن في قانون الاستثمار نفسه، والذي أفسح مجالاً واسعاً للمستثمرين، ولم يحدد العقارات بسعر معين"، وفقاً لقول عضو لجنة الاستثمار النيابية في البرلمان العراقي محمد الزيادي.

 

قال الزيادي في حديث لـ"للجبال"، إن "قانون الاستثمار أحدث فجوة بين العرض والطلب، وأٌطر بإطار بعيد عن فحوى القانون، وأصبح المستثمر هو المتحكم ببورصة العقارت والأسعار بعيداً عن الحكومة".

 

ويعتزم مجلس النواب تعديل قانون الاستثمار ووضع أطر جديدة للسيطرة على أسعار الوحدات السكنية في العاصمة بغداد، وباقي المحافظات العراقية، حسب النائب بالبرلمان، الذي لم ينس بوابة الفساد، وأشار في حديثه إلى إن "جزءاً من الفساد يدخل ضمن ارتفاع أسعار العقارات، الذي يتمثل بالعمل على إنشاء وحدات سكنية، دون أخذ موافقات قانونية".

 

ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، إذ احتل المرتبة 154 عالمياً بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية في العام 2023، مما يؤكد أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة دون أن تحدد المنظمة أرقاماً دقيقة لحجم الفساد في البلاد.

 

العراق بحاجة إلى 5 ملايين وحدة سكنية

 

يؤكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي في حديث لـ"الجبال"، أن "الطلب المتزايد على شراء الوحدات السكنية في العاصمة بغداد، أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات، إذ أن الطلب أكثر من العرض، عكس المحافظات والدول الأخرى".

 

ويستغرب العبيدي، من وصول أسعار بعض العقارات في العاصمة بغداد إلى أكثر من 15 ألف دولار حوالي (22 مليون دينار عراقي)، قائلاً: "أسعار العقارات في بغداد غير موجودة في جميع أنحاء العالم، أي أن عقارات العاصمة أصبحت الأغلى في العالم".

 

وما طرحه العبيدي لا ينطبق على المناطق التجارية التي تصل أسعار المتر فيها إلى 4 أضعاف المناطق السكنية.

 

و"هناك طلب متزايد على العقارات في العاصمة بغداد، ولا توجد مشاريع سكينة تغطي الحاجة"، حسب قول الخبير الاقتصادي الذي لفت إلى أن "العراق بحاجة إلى 5 ملايين وحدة سكنية، وكل عام نحتاح الى 2-3 ملايين وحدة سكنية لتغطية النمو المتزايد على الطلب في السوق العراقية".

 

واقترح العبيدي، بناء مجمعات سكنية في أطراف بغداد وخارجها متضمنة بنى تحتية جيدة وتواصل مع الداخل، فالتركيز على مركز بغداد لا يعالج أزمة الأسعار.

 

وارتفاع أسعار العقارات إلى أرقام "خيالية" دفع إلى اتساع فجوة العشوائيات في داخل المدن وعلى أطرافها، والتي بلغت وفقاً لوزارة التخطيط أكثر من 4 آلاف حي عشوائي في عموم العراق، يسكنها أكثر من 3 ملايين نسمة يشكلون 12% من سكان البلاد.

 

ووفقًا لوزارة التخطيط فإن أزمة السكن وارتفاع العقارات، متجذرة وتعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، فالظروف الأمنية والاقتصادية والحروب التي خاضها العراق خلقت فجوة ولدت الحاجة اليوم لنحو 3.5 ملايين وحدة سكنية لحل مشكلة السكن.

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 14 يوليو 2024 01:16 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.