أسهمت الاتفاقيات التي عقدها الاتحاد العراقي لكرة القدم مع "لا ليغا الإسبانية" أو "رابطة الدوري الإسباني"، وبالتزامن مع تسمية كادر إسباني لتدريب"أسود الرافدين" الأول، في إحداث نقلة نوعية شهدتها الكرة العراقية خلال الفترة الأخيرة.
ووصف مختصون في الشأن الكروي العراقي لـمنصة "الجبال"، بأن انخراط الكرة العراقية مع الكرة الإسبانية يمثل خطوة جبارة يجب دعمها ومساندتها من أجل تطوير مستوى الكرة العراقية، لأن "عملية أعداد المواهب على يد مدربين من الكرة الإسبانية ستكون له نتائج إيجابية في المستقبل القريب".
"يجب اختيار المدربين بعناية"
عبد الكريم فرحان، لاعب المنتخب العراقي الوطني السابق، والمدرب والأكاديمي، قال إنّ "الكرة الإسبانية ومنذ سنوات حققت قفزات كبيرة في عالم كرة القدم"، مبيناً أن هذه القفزات تمت من خلال "الاعتناء بالفئات العمرية وتخصيص طواقم تدريبية متطورة لهم تقوم باختيار المواهب بشكل دقيق".
ويؤكد فرحان أن نتائج هذه الخطة بدأت تظهر "هذا العام على وجه التحديد، عندما نجح المنتخب الإسباني الأول بالحصول على لقب اليورو، بينما نال منتخب إسبانيا الأولمبي الوسام الذهبي في لعبة كرة القدم خلال أولمبياد باريس".
ورأى أن "انخراط الكرة العراقية مع الكرة الإسبانية يمثل خطوة جبارة يجب دعمها ومساندتها من أجل تطوير مستوى الكرة العراقية"، لافتاً إلى أن عملية أعداد المواهب على يد مدربين من الكرة الإسبانية ستكون له "نتائج إيجابية في المستقبل القريب، لأن المواهب موجودة في الكرة العراقية، وهذه المواهب إذا ما تم صقلها على يد مدربين أكفاء، فأنها ستحقق طفرة غير مسبوقة في مسار الكرة العراقية".
وتمنى أن "يتم هذا المشروع وأن يكون اختيار المدربين الإسبان بعناية كبيرة عبر النظر إلى سيرهم التدريبية بشكل دقيق جداً، لأنه ليس كل مدرب يحمل الجنسية الإسبانية يمكن أن يكون جيداً".
وتابع: "إذا تم اختيار المدربين بدقة، فإن المشروع سيكون مميزاً ويصب في حاضر ومستقبل الكرة العراقية، لأن اللاعب الذي يتم تأسيسه بشكل صحيح، عندما يعتزل سيكون مدرباً جيداً، لأنه يكون قد حفظ مؤهلات العمل التدريبي بشكل جيد".
بحث عن مواهب كروية بالمدارس
إلى ذلك شدد الصحفي والكاتب زيدان الربيعي، على أن "توجه الكرة العراقية للتعاون والتوأمة مع الكرة الإسبانية يمثل خطوة ممتازة، بشرط أن تتم عبر طرق صحيحة وذات أمد طويل حتى تكون نتائجها مثمرة في السنوات المقبلة وتعود بالفائدة على جميع المنتخبات العراقية".
وأضاف زيدان أن "التعاون ما بين الكرتين العراقية والإسبانية يمثل بادرة نوعية، على أن تنطلق من الفئات العمرية وتسمية مدربين إسبان لقيادة منتخبات العراق المختلفة في السنوات المقبلة".
واعتبر الكاتب أن الفكرة ستكون أفضل في حال قامت إدارات الأندية العراقية بـ"تسمية مدربين إسبان لفرقها الكروية سواء الأولى أو حتى للفئات العمرية، حتى يكون أسلوب لعبة الكرة العراقية مشابهاً لأسلوب لعبة الكرة الإسبانية".
وقال زيدان: "لو حصل هذا الأمر، فإنه خلال سنوات قليلة ستفرض المنتخبات والأندية العراقية المختلفة هيمنتها التامة على البطولات العربية والآسيوية"، مبيناً أن الكرة العراقية "تمتلك المواهب الجيدة وفي كل المحافظات، وهذه المواهب إذا توافر لها من يصقلها بصورة علمية صحيحة، فأنها ستحقق تفوقاً كبيراً جداً".
ويعتقد الكاتب أن أفضل وسيلة لاكتشاف المواهب هي إعادة "البطولات المدرسية"، ويضيف: "لأن هذه البطولات ستمثل مسحاً عاماً لكل المواهب في البلد، لكن إذا تم اعتماد الدعوات للملاعب أو الأكاديميات، فإن هناك الكثير من المواهب ستغيب عن نظر المدربين الإسبان والتي يمكن أن تتفوق على العديد من المواهب التي سيتم قبولها من قبلهم".
وتابع أن "نجاح هذه التوأمة سيرتبط بعامل آخر، وهو نوعية المدربين الإسبان الذين سيتم التعاقد معهم للعمل مع الكرة العراقية، فإذا كانوا من الكفاءات التدريبية المتطورة، فإن المشروع سيحقق قفزة كروية كبيرة، لكن إذا حصل العكس، فإن المشروع سيتعرض للموت قبل ولادته، لأن الكرة العراقية فيها كفاءات تدريبية جيدة تستطيع أن تراقب وتقيم عمل المدربين الإسبان بطريقة دقيقة جداً".
إشراك مدربين عراقيين
بدوره لفت الإعلامي صادق العتابي إلى أن "التعامل مع الكرة الإسبانية يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، إذا ما تم الاختيار بشكل دقيق جداً للمدربين الذين سيعملون مع الكرة العراقية، لأن دقة الاختيار تمثل الركيزة التي تساعد على تحقيق النجاح، والعكس سيؤدي إلى الفشل بشكل مبكر جداً".
وأضاف أن "الطواقم الأجنبية التي يتم استقدامها للعمل مع الكرة سواء كانت إسبانية أو غيرها يجب أن يتم زج معها بعض الكفاءات التدريبية العراقية الشابة، لاسيما من أصحاب الشهادات والماضي الكروي الجيد، حتى نبني مواهب جيدة، وفي ذات الوقت نؤهل مدربين شباب للمستقبل".
تجربة "كاساس" مشجعة
في حين يرى المختص في الشأن الرياضي، كاظم الطائي، بأن الكرة العراقية جربت العديد من المدارس منها الإنجليزية والاسكتلندية والروسية والبرازيلية والصربية والألمانية واليوغسلافية وغيرها، واليوم تجرب حظها مع الأسبان.
وأضاف الطائي أن "التجربة ستخدم كرتنا على المدى البعيد لأن معظم الشباب يتابع الدوري هناك وله اهتمامات لكبار الأندية مثل الريال وبرشلونة ونجوم الليغا عبر أكثر من عقدين".
إلى جانب ذلك، اعتبر المختص بالشأن الرياضي، أن نجاحات "المدرب كاساس" في قيادته منتخبنا وتمكنه من بلوغ عتبة المركز 55 عالمياً والسادس آسيوياً وعربياً، تظهر "تطور كرتنا".
وقال إن المنتخب العراقي "تمكن من الفوز على اليابان في بطولة آسيا والسعودية وقطر والبحرين وغيرها من منتخبات التي كانت تتقدمنا بالتصنيف"، كما أن "المدرب (كاساس) سعى للحاق بأبطال القارة والتاهل للمونديال وأخضع عشرات اللاعبين للتجربة، فضلاً عن وجوده في بغداد والمحافظات لمتابعة الدوري والسفر لأوروبا لمتابعة المغتربين واختيار الانسب للمنتخب الوطني".
وزاد، أن "الكرة الإسبانية تحظى بالمتابعة في العراق ومحاولة تكرار التجربة هنا ليس فيها ما يدعو للخوف أو التردد ما دامت النوايا تعمل لمستقبل أفضل لكرتنا".