العراق يلجأ لحفر الآبار للتخلص من عطش قادم.. هل تنقذنا المياه الجوفية؟

6 قراءة دقيقة
العراق يلجأ لحفر الآبار للتخلص من عطش قادم.. هل تنقذنا المياه الجوفية؟

البلاد في مرحلة إجهاد مائي

تواجه بلاد الرافدين أزمة حادة بانخفاض بمناسيب المياه منذ سنوات، وهو ما اضطر الجهات الحكومية إلى الاتجاه نحو حفر الآبار للاستفادة من خزين المياه الجوفية التي تمثل ثروة الأجيال في المستقبل، فيما حدث أسوأ مما هو  عليه الوضع الآن.

ووفقاً لتقديرات ودراسات، يمتلك العراق ما لا يقل عن خمسة ملايين متر مكعب من المياه الجوفية المتجددة التي يمكن تعويضها من الأمطار، فضلاً عن الخزين الإستراتيجي غير المعلوم الكمية، والذي لن يكون بالإمكان تعويضه بعد استخدامه، حيث يتصدر العراق الدول العربية بالمياه الجوفية التي تصل تقريباً إلى 30 مليار لتر مكعب.

خطة الحكومة

ويبقى السؤال حول إمكانية إسعاف المياه الجوفية للعراق من حيث حاجات الاستخدام البشري، وهو ما يجيب عنه المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال بقوله إن "الوزارة طبقت خطة تنقسم الى محاور لمواجهة شح المياه من دول المنبع بينها خارجية وأخرى داخلية بضمنها حفر الآبار للاستفادة من خزين المياه الجوفية".

ويضيف شمال، لـ"الجبال"، أن "حفر الآبار هو أحد المحاور المهمة لتعويض النقص الحاصل بالإيرادات المائية السطحية لنهري دجلة والفرات وفقاً لدراسات علمية ومحسوبة"، فيما أشار إلى أن "المياه الجوفية الآن تمثل مصدراً مهماً لسد النقص في مناسيب المياه الواردة من دول المنبع".

ويؤكد المتحدث، أن "الاتجاه نحو حفر الآبار هو لوجود حاجة في سد الخطة الزراعية والحصص المقررة لها، حيث جرى حفر ما يقارب 1300 بئر بضمنها نحو 300 لمعالجة شح المياه بمختلف المحافظات وإيصال المياه العذبة للمواطنين عبر المحطات"، موضحاً أنّ "من المعلوم كون المياه الجوفية هي الخزين المهم للأجيال في المستقبل، لكن الوضع الآن تطلب استخدامها بعد السنوات الأخيرة الجافة التي مر بها العراق".

ووفق مؤشر الإجهاد المائي ( Water Stress Index ) خلال عام 2019، وهو مقياس لندرة كمية المياه العذبة المتجددة المتوفرة لكل شخص في كل عام من إجمالي الموارد المائية المتاحة لسكان المنطقة، فإن "العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن تصل مياه النهرين إلى المصب النهائي في الخليج العربي"، في وقت يبلغ إجمالي معدل الاستهلاك للاحتياجات كافة بالحد الأدنى نحو 53 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يحتاج العراق إلى 70 مليار متر مكعب.

كما يظهر تقرير سابق للأمم المتحدة حول الأمن المائي في المنطقة العربية، أن 17 دولة في العالم العربي من أصل 22 هي حالياً على خط الفقر المائي، من بينها 12 دولة ترزح بالفعل تحت خط الفقر المائي المدقع من بينها العراق.

سدود خاصة

وفي ظل تلك المخاطر وتوسع دائرة اعتماد العراق على خزين المياه الجوفية، يرى المختص في شؤون المياه، تحسين الموسوي، أن "الواقع في البلاد اصبح بحاجة إلى نوع خاص من السدود يقوم بحجز المناسيب وهي غير متوفرة على الإطلاق، لأن الامطار في الشتاء الماضي ساهمت فعلياً في رفد الأرضي الزراعية بكميات كافية، فضلاً عن "تحسين الغطاء الأخضر، ولكن بنفس الوقت الخطر مستمر حول الإجهاد المائي الذي تعانيه البلاد".

ويقول الموسوي، لـ "الجبال"، إنّ "العراق دون التوصل لحلول جذرية حول المياه مع دول المنبع المجاورة لن يتمكن من الخلاص من مشكلة الإجهاد المائي التي باتت واضحة جداً وتتعقد مع مرور الوقت وفق المؤشرات العالمية"، داعياً إلى "ضرورة تغيير السياسات المائية لأن استخدام المياه الجوفية والاعتماد عليها دون وجود حلول ترافقها يعتبر خطأ كبيراً".

ويشير إلى أن "المياه الجوفية غير مستدامة بطبيعتها وهو ما يدعو إلى عدم التصرف بها بشكل عشوائي وفقدانها بشكل تدريجي كما حصل مطلع عام 2024 بخسارة متر واحد منها ضمن خطة الموسم الزراعي الماضي"، معتبراً أن "المفاوضات التي يجريها العراق من المؤكد قد أصابها الإحباط ولذلك قامت بخطوات اللجوء للمياه الجوفية خلال الفترة الماضية".

وأكمل المختص، أن "البلاد تعاني من مرحلة خطر الجفاف منذ 5 مواسم متتالية حيث يتم استخدام المياه الجوفية باستمرار خلال الموسمين الأخيرين وهذا سيفضي بالنتيجة لمؤشرات صعبة في المرحلة القادمة"، مؤكداً أن "الفضاء الخزني الخالي من المياه حاليا يقدر بنحو 140 مليار مكعب، بينما سدود الثرثار والموصل ودوكان تمر بمرحلة صعبة نتيجة ضعف الاطلاقات".

واعتبر الموسوي، أن "كل الأوضاع الحاصلة أدت وستؤدي باستمرار الى زيادة الهجرة المناخية للسكان وخسارة المساحات الزراعية، إضافة لخسائر في الثروة السمكية بمناطق الاهوار على وجه الخصوص، ولا يمكن نسيان او تجاهل هلاك الثروة الحيوانية من الجاموس والطيور بمناطق مختلفة"، فيما لفت الى أن "ذلك كله يحصل بسبب الخطط والخطوات الجزئية التي تحصل بين فترة وأخرى دون معالجة حقيقية للملف على المستويات الدبلوماسية العليا في البلد".

كان رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، تحدث في آذار 2023، عن أن سبعة ملايين عراقي تضرروا بسبب التغير المناخي، فيما كشفت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية عن وجود 4 ملايين دونم من الأراضي الزراعية باتت تعتمد في الري على المياه الجوفية.

وتسبب انخفاض معدلات الإيرادات المائية في مناطق وسط وجنوب البلاد وخاصة مناطق الاهوار بارتفاع نسبة الملوحة، بالإضافة إلى تباطؤ سرعة جريان هذا المجرى، مع احتمال تكرار جفاف السنوات السابقة، لاسيما وأن معدلات التبخر بارتفاع مستمر، في حين تشكل الأمطار نسبة 30% من موارد العراق المائية، فيما تقدر كميات مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران بـ 70% بحسب المديرية العامة للسدود بالعراق لكنها لا تصل بشكل يسد الحاجة.

الجبال

نُشرت في الأربعاء 24 يوليو 2024 11:47 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.