تحركات إيرانية مكوكية في المنطقة: عودة إلى ما قبل 2003 أم استنزاف لدماء العرب؟

5 قراءة دقيقة
تحركات إيرانية مكوكية في المنطقة: عودة إلى ما قبل 2003 أم استنزاف لدماء العرب؟ وزير الخارجية الايراني (AFP)

تحاول إيران طرق الأبواب الإقليمية والدولية

يجري وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، زيارات مكوكية في المنطقة، بدأت بلبنان وسوريا، ثم دول الخليج كقطر والسعودية، ثم وصلت الأحد 13 تشرين الأول 2024 إلى العراق، كما وُضعت سلطنة عُمان في جدول الزيارات الحالية. 

 

وتتباين تفسيرات المراقبين حول أسباب هذه الزيارات الكثيرة والغاية منها، خصوصاً بالتزامن مع التصعيد في جبهة لبنان وعودة القصف العنيف في غزة، والأهم، التهديد الإسرائيلي بالهجوم على إيران رداً على القصف الإيراني لإسرائيل مطلع الشهر الحالي.

 

تحركات عباس عراقجي وجدها باحثون ومتخصصون دليلاً على تراجع إيراني عن الاندفاع والتصعيد، ومحاولة إلى الركون للدبلوماسية، والعمل مع مجموعات الدول في المنطقة، مذكرين بأوضاع ما قبل 2003، وغزو الولايات المتحدة الأميركية للعراق. بينما حملت زيارات وزير الخارجية الإيراني إلى الدول العربية بالنسبة لباحثين آخرين رمزية على استمرار التصعيد لكن بأدوات عربية، ورسائل بالسيطرة على القرار في لبنان وغيره.

 

إيران تعود إلى ما قبل 2003

 

رئيسة الباحثين في منتدى صنع السياسات - لندن PMFIQ، الدكتورة رنا خالد، تحدثت في هذا الصدد عن فهم إيراني عميق للتهديدات الخطيرة، وهي بذلك تحاول الحفاظ على نظامها.

 

وتقول في حديث لمنصة "الجبال"، إنه "لمعرفة وفهم سياق التحرك الدبلوماسي الايراني خلال الثلاثين يوماً الأخيرة وخاصة مع تصاعد وتيرة الصراع في الشرق الأوسط، يجب استخدام المنهج التاريخي".

 

وتضيف الباحثة في العلاقات الدولية والصراع في الشرق الاوسط ، أن "إيران 2024 هي بالضبط إيران 2002 - 2003 عندما أدركت إيران أن الولايات المتحدة والغرب في مرحلة إعادة ترتيب المنطقة، في وقتها تراجعت السياسة الخارجية الإيرانية عن أسلوب العدائية والتصعيد الذي كانت تقوم به منذ منتصف التسعينيات وبدأت إيران بعملية تصفير الأزمات التي كانت ذروتها عند زيارة رفسنجاني إلى الرياض وتوقيع اتفاقية تعاون مشترك في 2001".

 

وتتابع: "خلال تصاعد الحرب على العراق، لعبت إيران دوراً دبلوماسياً محايداً وتم تغيير الخطاب الإيراني تماماً وتولد انطباع أميركي بأن إيران قد تكون جزءاً من مرحلة ما بعد صدام وجزءاً من عملية إدارة بلد معقد مثل العراق".

 

أما اليوم، فإيران تعرف أنها في "تهديد شديد قد يمس النظام الإيراني الهش، ولديها خبرة سياسية عريقة وتعرف السياسة الخارجية الإيرانية أن تقيس المخاطر وتتماها معها"، بحسب خالد، ولذلك - تردف قائلة - فإن "إيران تقوم بمحاولة طرق الأبواب الإقليمية والدولية لإعادة التموضع ضمن المجموعة الدولية والإقليمية".

 

وبمناسبة زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دول المنطقة ومنها العراق، فإن "نشاط إيران الدبلوماسي الغرض منه تطمين الجميع بأن إيران ليست خطراً بل هي جزء من الحل، وهذه التطمينات في السلوك السياسي الخارجي الإيراني تستوجب أن تكون رسمية بل ومن قبل أعلى المستويات"، وفق رئيسة الباحثين في منتدى صنع السياسات – لندن.

 

وخلال لقائه مع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، في بغداد، قادماً من لبنان، أكد عباس عراقجي أن "زيارته تأتي من أجل المزيد من تنسيق الجهود والتشاور في مسارات الأوضاع"، مبيناً أن إيران "تتفق مع المساعي العراقية لمنع اتساع الحرب".

 

بينما أعاد السوداني، بدوره، التذكير بأنّ "الحكومة العراقية سبق أن حذّرت مراراً من مخططات الكيان نحو توسعة الحرب، وهو ما اتضح جلياً لجميع الأصدقاء وصار هدفاً عدوانياً مكشوفاً أمام المجتمع الدولي".

 

"ستستمر باستنزاف دماء العرب"

بالإضافة إلى وزير الخارجية عراقجي، أجرى رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، السبت 12 تشرين الأول 2024، زيارة إلى لبنان، التقى فيها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. 

 

وقال قاليباف إنه يحمل "رسالة دعم من المرشد ورئيس الجمهورية وشعبنا للشعب اللبناني والمقاومة"، مشيراً إلى أن إيران ستقدم كل العون الذي باستطاعتها من أجل مساعدة النازحين جراء الغارات الإسرائيلية، بشرط  "نقل المساعدات عبر جسر إغاثي مباشر بين طهران وبيروت، تحت إشراف حكومي".

 

عن تلك الزيارات، يقول مكرم رباح، المحاضر بالتاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت، في حديث لمنصة "الجبال"، إن النظام الإيراني "بشكل واضح يريد أن يرسل رسالة واضحة لكل شعب اللبناني والمجتمع الدولي بأنه هو الذي يسيطر على مجريات الأمور وليس هناك من قرار محلي لحزب الله".

 

وبحسب كبير المستشارين في شركة "كوانت كوميونيكيشنز"، فإن "إمكانية وقف إطلاق النار في هذه المرحلة بالذات هو شيء غير واقعي"، وذلك لأن [النظام] الإيراني لا يزال متخوفاً من الضربة الإسرائيلية القادمة"، متوقعاً أن "يستمر باستنزاف دماء اللبنانيين والعرب حتى يستطيع أن يحول هذه الدماء إلى مكاسب سياسية"، وفق رأيه.

الجبال

نُشرت في الأحد 13 أكتوبر 2024 06:45 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.