تلوث "متكامل" في بغداد.. واستجابة حكومية "بطيئة" لانتشار رائحة الكبريت

4 قراءة دقيقة
تلوث "متكامل" في بغداد.. واستجابة حكومية "بطيئة" لانتشار رائحة الكبريت

هناك تضارب بين الجهات الرسمية حول الأمر

تثير رائحة الكبريت التي انتشرت في أنحاء العاصمة بغداد والمحافظات المجاورة في الأيام الأخيرة، استياء المواطنين الذين عبّروا عن قلقهم بشأن أسباب هذه الرائحة وتأثيرها على صحتهم، خاصة في محيط منطقة الدورة جنوب العاصمة، فيما تتزايد الدعوات إلى الجهات المسؤولة للكشف عن مصدر هذه الروائح، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة. 

 

وبعد أيام عديدة دخل بها الكبريت إلى رئات المواطنين في ظل مخاوف متزايدة من "الموت البطيء"، أصدر رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، بياناً وجه فيه بضرورة إجراء دراسة شاملة لـ"تحديد مصادر انبعاثات الكبريت واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها."

بالمقابل، قالت وزارة البيئة بأنه "لا داع للقلق"، موصية المواطنين بـ"إغلاق النوافذ وتقليل التواجد بالهواء الطلق".

 

وعلى الرغم من تطميناتها، أقر المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، بـ"عدم معرفة الوزارة بالأسباب الحقيقية جراء تلوث الهواء"، وأضاف لـ"الجبال" أن "الوزارة تعمل على مراقبة الوضع عن كثب".

 

وبهذا الخصوص، أثار الناشط البيئي جاسم الأسدي تساؤلات حول بطء استجابة الحكومة العراقية لمشكلة تلوث الهواء المتفاقمة، منتقداً "تأخر وزارة البيئة في اتخاذ إجراءات فعالة لحماية صحة المواطنين، رغم وجود معامل متنقلة لفحص جودة الهواء".

 

وفي حديث لـ"الجبال"، وصف الأسدي إجراءات الحكومة بأنها "بائسة"، مؤكداً أن "البيئة لا تعتبر من أولوياتها، مطالباً بـ"تحرك عاجل من الحكومة لمعالجة مصادر التلوث وتطبيق معايير بيئية صارمة".

 

ويقول الأسدي إن "العاصمة بغداد تحتل المرتبة الأولى عربياً من حيث تلوث الهواء مما يجعلها المدينة الأكثر تلوثاً بين المدن العربية".

 

ويتحدث الأسدي عن معامل الطابوق المنتشرة في الجانب الجنوبي الشرقي من بغداد ومصفى الدورة، إذ أنهما يلعبان دوراً كبيراً في تفاقم هذه الأزمة، حيث "تساهم في إطلاق كميات هائلة من الملوثات في الهواء، بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكبريت."

 

وأشار الأسدي إلى أن التوسع العمراني حول مصفى الدورة، وتحول البساتين إلى مجمعات سكنية وأحياء، قد زاد من حدة المشكلة وعرّض حياة آلاف المواطنين للخطر، كما ألقى باللوم على "عمليات حرق النفايات العشوائية في زيادة التلوث الهوائي."

 

ويعتقد الأسدي بـ"عدم وجود أنظمة كافية لحجب الغازات السامة، أي أن الفلاتر الصناعية غير كافية أو غير موجودة في منافذ الدخان الخارج في مصفى الدورة".

 

ويضيف الأسدي أن "تصريف مياه الصرف الصحي بشكل مباشر في نهر دجلة، من قبل منشآت تابعة لوزارة الصحة والبيئة، يشكل تهديداً كبيراً على البيئة والمواطنين، حيث يؤدي إلى تلوث المياه السطحية والجوفية والتربة."

 

وأكد الأسدي أن هذا التلوث المتكامل بين الهواء والماء والتربة يشكل تهديداً خطيراً على صحة الإنسان والبيئة، ودعا الجهات المعنية إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الأزمة".

 

وفي الوقت نفسه، يؤكد رئيس مراقبة نوعية الهواء في وزارة البيئة علي جابر، أن "مصفى الدورة يشهد تدهوراً ملحوظاً في جودة الهواء، خاصة خلال الفترة الانتقالية بين فصلي الخريف والشتاء".

 

ويقول إن "الظروف الجوية، مثل ارتفاع الرطوبة وسكون الرياح، تساهم في حبس الملوثات في طبقات الجو السفلى"، وبالإضافة إلى ذلك، فإن "حركة الاعمار والإنشاءات المكثفة، والتي تعتمد على حرق الوقود الأحفوري عالي الكبريت، تفاقم المشكلة بشكل كبير مع عدم وجود وسائل سيطرة على هذه الانبعاثات، ما يجعل الحالة تتفاقم".

وتصدرت مدينة بغداد في المرتبة الأولى عربياً وحلّت بالمرتبة الـ13 عالمياً بين المدن الأكثر تلوثاً.

 

وبحسب مختصين، فإن الغبار في العراق، يحتوي على 37 نوعاً من المعادن ذات التأثير الخطير على الصحة العامة، إضافة إلى 147 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفطريات التي تساعد على نشر الأمراض، وارتفاع  تركيز الملوثات بأجواء العراق كالمواد المتطايرة PM2.5 والتي وصلت إلى ما يقارب 39.6 ميكروغرام / متر مكعب في إشارة لارتفاع كبير وخطير بنسب هذه الملوثات، في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية بأن لا يتجاوز متوسط تركيزات PM2.5 الـ 5 ميكروغرام/متر مكعب، وهو ما قاد لرداءة الهواء وارتفاع حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في العديد من محافظات العراق.

إيناس فليب شاعرة وصحفية

نُشرت في الأحد 13 أكتوبر 2024 11:20 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.