حذر مركز حقوقي من ما وصفه بـ"خطر صامت" يهدّد وجود الإنسان والبيئة في العراق، وقال إن أربع محافظات تقع تحت الضرر الأكبر، مقدّماً خمسة حلول لتخفيف حدّة الخطر.
المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان ذكر، في بيان، اليوم الأربعاء الموافق 31 كانون الأول 2025، أن استمرار رمي المخلفات الصناعية والصحية ومياه الصرف الصحي غير المعالجة في الأنهار العراقية يُشكّل تهديداً خطيراً للأمن البيئي والصحي، ويقوّض حق الإنسان في العيش ضمن بيئة سليمة وآمنة، لا سيما في ظل تراجع منظومات المعالجة وضعف الرقابة البيئية في عدد من المحافظات.
وأوضح المركز أن التقارير البيئية الوطنية والدولية تشير إلى أن نِسَب التلوث في بعض المجاري المائية في الأنهار العراقية تجاوزت المستويات البيئية الآمنة بنسبة تتراوح بين (70–80%)، نتيجة تصريف المياه الثقيلة غير المعالجة القادمة من المصانع والمستشفيات والمرافق الخدمية، فضلًا عن المخلفات البلدية التي تُلقى مباشرة في الأنهار دون معالجة أولية.
وتشير البيانات إلى أن "أكثر من 60% من الملوثات المطروحة في الأنهار مصدرها أنشطة صناعية وصحية غير خاضعة للمعالجة الفعلية"، وفق المركز.
وأضاف المركز أن مؤشر الأداء البيئي العالمي (EPI)، الذي يصدر عن جامعات ومراكز بحثية دولية متخصصة، "يضع العراق ضمن فئة الدول ذات الأداء البيئي المنخفض جداً، إذ لم تتجاوز درجته في المؤشر العام نحو (30–35) من أصل 100، وهو ما يعكس ارتفاع مستويات التلوث وضعف إدارة الموارد المائية وتدنّي إجراءات حماية الصحة العامة، مقارنة بدول المنطقة والعالم".
بيّن المركز أن "محافظات بغداد، والبصرة، وذي قار، وبابل تُعد من أكثر المحافظات تضرراً، بسبب الكثافة السكانية، وتمركز الأنشطة الصناعية والطبية، وتهالك شبكات الصرف الصحي، الأمر الذي أسهم في ارتفاع معدلات التلوث الجرثومي والكيميائي للمياه، وازدياد نسب الإصابة بالأمراض المعوية والجلدية والتنفسية، فضلًا عن التأثير السلبي على الثروة السمكية والأمن الغذائي".
وأردف المركز أن "استمرار هذا الواقع يُعد انتهاكاً صريحاً للحق في الصحة والبيئة النظيفة الذي كفلته الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، كما يُنذر بتفاقم الأعباء الاقتصادية على الدولة نتيجة ارتفاع تكاليف العلاج وتراجع الإنتاج الزراعي وتلوث مصادر المياه".
وأوضح المركز أن معالجة هذا الملف تتطلب مقاربة وطنية شاملة، تبدأ من إصلاح منظومة الرقابة البيئية، إلى تفعيل القوانين النافذة، وربط منح الإجازات الصناعية والطبية بوجود منظومات معالجة فعالة ومعتمدة، فضلًا عن تعزيز الشفافية في نشر البيانات البيئية أمام الرأي العام.
وطالب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، في هذا السياق الجهات المعنية في الدولة إلى "تبني سياسة وطنية متكاملة لإدارة النفايات الصناعية والصحية، تقوم على المعالجة المسبقة قبل التصريف، وليس الاكتفاء بالإجراءات الشكلية"، كذلك "تعزيز الدور الرقابي لوزارة البيئة والجهات الساندة لها، ومنحها الصلاحيات الفعلية لفرض العقوبات الرادعة بحق الجهات المخالفة، بما ينسجم مع المعايير الدولية"، و"إلزام المؤسسات الصحية والصناعية بإنشاء وتشغيل محطات معالجة فعالة، وربط استمرار عملها بالتقيد الكامل بالمحددات البيئية".
كما طالب المركز بـ"نشر تقارير دورية وشفافة عن مستويات التلوث في الأنهار ومصادر المياه، بما يعزز حق المواطن في المعرفة والمساءلة"، و"إطلاق برامج توعية وطنية تسهم في ترسيخ الثقافة البيئية وتحفيز المشاركة المجتمعية في حماية الموارد الطبيعية".
منظر جوي لنصب الشهيد في مدينة بغداد