أعلن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن الثلاثاء أنّه نفذ "عملية عسكرية محدودة" استهدفت "أسلحة وعربات قتالية" آتية من الإمارات بميناء المكلا في محافظة حضرموت التي سيطر عليها أخيراً المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات، في تصعيد للنزاع الجديد في البلد الغارق في حرب أهلية منذ أكثر من عقد.
وجاء ذلك بعيد إعلان التحالف أنه سينفذ "عملية عسكرية" داعياً المدنيين إلى إخلاء ميناء المكلا فوراً، وبعدما هدّد السبت بضرب التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي الانفصالي غداة اتهام الانتقالي له باستهداف مواقعه بغارات جوية.
وتسعى السعودية والإمارات للظهور بموقف موحد، رغم أن كلا منهما يدعم طرفاً مختلفاً في النزاع الأخير. وقد أرسلتا هذا الشهر وفداً مشتركاً إلى المجلس الانتقالي لمطالبته بسحب قواته من حضرموت والمهرة، علماً أن المجلس الانتقالي ممثل في الحكومة المدعومة من الرياض.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية "واس" بياناً نقلاً عن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء تركي المالكي جاء فيه "استناداً لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي حضرموت والمهرة.. قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء المكلا".
وأشار المالكي إلى أنّ السفينتين كانتا "قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية".
وأوضح اللواء المالكي أنّه "في يومي السبت والأحد تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف"، وأضاف "قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي".
ذكرت الوكالة السعودية على حسابها على منصة "إكس" نقلاً عن التحالف أنّه "لا وجود لإصابات بشرية أو أضرار جانبية جراء عملية الاستهداف بميناء المكلا".
وأفاد مسؤول في الميناء اليمني بتلقي اتصال تحذيري لإخلاء الميناء قبل دقائق من استهدافه واشتعال النيران به.
وقال المسؤول الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه: "في الساعة الرابعة فجرا تلقينا اتصالا بإخلاء ميناء المكلا قبل ربع ساعة من الضربة"، وفق ما نقلت فرانس برس.
وتابع: "تم الإخلاء والضربة حصلت بعدها بربع ساعة في ساحة ترابية في ساحة الميناء وإلى الآن النيران مشتعلة. لم نستطع إدخال سيارات الإطفاء خوفا من الانفجارات".
وأغلقت السلطات الطريق إلى الميناء.
وأوردت قناة عدن المستقلة التابعة للانفصاليين اليمنيين على منصة "إكس" أن "الطيران السعودي يشن غارات على ميناء المكلا بحضرموت"، مرفقة صورة لنيران مشتعلة في ما يبدو أنه الميناء.
"حرب داخل الحرب الأهلية"
ومطلع الشهر الجاري، أستولى المجلس الانتقالي، الشريك الرئيس في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، على مساحات واسعة من الأراضي في محافظتي حضرموت والمُهرة المتاخمتين لكل من السعودية وسلطنة عُمان، خلال هجوم خاطف.
وقال إن العملية "تهدف إلى طرد الإسلاميين، ووقف عمليات التهريب لصالح المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى".
ورغم الضربة الجوية الجمعة ودعوات الانسحاب، كرر الانتقالي رفضه الانسحاب معلناً تمسكه بـ"استعادة حقوق" جنوب اليمن.
والجمعة، طالبت الحكومة المعترف بها دولياً التحالف العسكري بقيادة السعودية باتخاذ "التدابير العسكرية" لدعمه، ما دفع التحالف السبت إلى التهديد بضرب التحركات العسكرية للانفصاليين المدعومين من الإمارات.
وحذر اللواء المالكي السبت من أنّ "أي تحركات عسكرية (للمجلس الانتقالي) سيتم التعامل المباشر معها في حينه".
كما طالب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وهو نجل العاهل السعودي الملك سلمان، المجلس الانتقالي الجنوبي" تغليب صوت العقل والحكمة" وخروج قواتهم من المحافظتين و"تسليمها سلميا" للسلطات.
ويبدو أن الانفصاليين المدعومين من الإمارات يسعون لإحياء دولة جنوب اليمن المستقلة سابقاً، والتي كانت قائمة من عام 1967 حتى توحيده مع شمال اليمن عام 1990.
ويشهد اليمن بالفعل حرباً أهلية منذ أكثر من عقد.
وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية قد تدخل في 2015 دعما للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران بعد أشهر من استيلائهم على العاصمة صنعاء وهو ما أوقف زحفهم آنذاك للسيطرة على عدن في جنوب اليمن ثم مأرب وتعز.
ويعتقد أنّ التحالف لم ينفذ أي غارات في اليمن منذ التوصل إلى هدنة مدتها ستة أشهر بدأت في نيسان 2022 وظلت صامدة إلى حد كبير رغم عدم تجديدها.
وأعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اليوم الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، على خلفية الأحداث.
صورة من المكلا جنوب اليمن