رأت منظمات دولية أن تعديل قانون العفو العام الذي كان من المؤمل أن تجري قراءته الأولى تحت قبة البرلمان في 24 تموز/يوليو، هو خطوة نحو "معالجة المظالم داخل المجتمع العراقي"، مؤكدة على ضرورة التمييز بين الأبرياء والمذنبين المدانين بجرائم فعلية.
ألانا ترافرز، باحثة ومستشارة بشأن قضايا حقوق الانسان والمعتقلين في السجون، مع منظمات دولية بما في ذلك التحالف للتعويضات العادلة (C4JR)، كانت لديها نظرة إيجابية حول إجراء التعديل على قانون العفو بالعراق، مبينة أنه "قد يساعد بإصلاح النسيج الاجتماعي الذي مزقته سنوات الحرب".
قالت ترافرز لمنصة "الجبال" إن "قانون العفو المقترح في العراق سيؤدي أخيراً إلى إفراج طال انتظاره عن آلاف الأفراد الأبرياء، الذين سُجنوا ظلماً في ظل نظام قضائي عراقي تشوبه العيوب، بسبب الافتقار الشديد للإجراءات القانونية الواجبة"، مضيفة أنه "منح العفو، من شأنه أن يصحح هذه المظالم، ويغيث الأسر والجماعات المتضررة التي عانت الكثير منذ عام 2003".
وتابعت: "إذا نُفذ قانون العفو بشكل استراتيجي، فمن الممكن أن يكون بمثابة خطوة حاسمة نحو المصالحة الوطنية. ومن خلال معالجة مظالم الماضي والحاضر، يمكن أن يساعد التشريع في إصلاح النسيج الاجتماعي الذي مزقته سنوات من الصراع والعنف. وهذا بدوره يمكن أن يعزز الاستقرار والسلام على المدى الطويل في البلاد".
ترى ترافرز أن "العراق يستطيع تحسين سجله في مجال حقوق الإنسان، من خلال الاعتراف بأخطاء الماضي وتصحيحها. ومن شأن هذه الخطوة تعزيز مكانة البلاد الدولية، وربما جذب المزيد من المساعدات والاستثمارات الأجنبية"، مؤكدة أن "قانون العفو المقترح بالعراق له القدرة على تصحيح الظلم وتعزيز التعافي الوطني".
ومع ذلك، حذرت الباحثة البريطانية من "مخاطر كبيرة"، يحملها القانون "بما في ذلك احتمال التلاعب السياسي"، موضحة: "لكي يكون القانون فعالاً وعادلاً، فلابد أن يتضمن تدابير للتمييز بين الأبرياء والمذنبين، وضمان بقاء الجناة مسؤولين عن أفعالهم".
"هناك حاجة ملحّة لتشريع العفو، لمعالجة محنة آلاف الأبرياء في السجون بالعراق، إن الدراسة المتأنية والضمانات الصارمة ضرورية لضمان عدم تعريض أمن العراق للخطر"، حسب قول ترافرز.
مع تفاؤل كثيرين مثل ترافرز وغيرها، هناك تخوفات في طرف مواز، من استغلال تعديل القانون في إفلات مذنبين حقيقيين من العقاب، "في ظل عيوب تشوب النظام القضائي العراقي".
سارا صنبر، باحثة في الشأن العراقي بمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، أشارت في حديث لـ"الجبال" إلى "توثيق عيوب في النظام القضائي العراقي منذ سنوات، بما في ذلك الاعتماد المفرط على الاعترافات، منها الاعترافات المنتزعة بواسطة التعذيب، معلومات استخباراتية خاطئة تم الحصول عليها بواسطة مخبرين سريين، محاكمات عاجلة دون مشاركة الضحايا، وانتهاكات متعددة للإجراءات القانونية الواجبة"، مشدّدة على "أهمية ضمان السلطات العراقية مسار للإفراج عن المسجونين ظلماً، وموازنة ذلك مع ضمان عدم إفلات الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم من العقاب".
قالت صنبر: "قد يكون مشروع قانون العفو العام خطوة في الاتجاه الصحيح، ويغير حياة أولئك المسجونين ظلماً، لكنه لا يكفي وحده، بل يجب أن يقترن بإصلاحات لتعزيز السلطة القضائية العراقية، والتدقيق القانوني للقضايا الفردية التي تشرف عليها لجان قضائية مستقلة، لا سيما في الحالات التي توجد فيها مخاوف بشأن عدم احترام الإجراءات القانونية الواجبة أو ضمان المحاكمة العادلة".
فيما لفتت، رازاو صاليي، وهي باحثة في منظمة العفو الدولية، إلى "مخاوف كبيرة بشأن قانون العفو، لأنه قد يؤدي إلى عدم محاسبة مرتكبي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ما يزيد من انتشار الإفلات من العقاب على نطاق واسع في البلاد".
قالت صاليي، لمنصة "الجبال" إن قانون العفو "ليس حلاً سحرياً للنظام القضائي العراقي، الذي دفع الآلاف لانتظار موتهم، رغم الأدلة على الاعتقالات التعسفية الجماعية"، مردفة أن "الارتفاع الأخير في عمليات الإعدام الجماعية في العراق - مع الافتقار الواضح للشفافية فيما يتعلق بالأرقام - لا يشير إلى أي أمل بأن يؤدي أي تغيير في التشريع، خاصة التشريع الذي تمت صياغته بشكل فضفاض، إلى تحقيق العدالة لأي شخص".
ويبقى "التنفيذ الشفاف والعادل هو المفتاح لتحقيق الفوائد المرجوة" من القانون، كما تقول ألانا ترافرز.