نزع سلاح الفصائل خطوة تغيّر كامل المعادلة السياسية والأمنية بالعراق.. من المستفيد الأكبر من القرار؟

نزع سلاح الفصائل خطوة تغيّر كامل المعادلة السياسية والأمنية بالعراق.. من المستفيد الأكبر من القرار؟ نازحون من مدينة الرمادي يعبرون جسر بزيبز هرباً من المعارك في محافظة الأنبار عام 2015. AP

شهد العراق خلال الأيام الماضية تبدلات لافتة وغير مسبوقة في مواقف زعماء وقادة الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة، إزاء ملف "حصر السلاح في يد الدولة"، إذ أعلنت قيادات رئيسية في "الإطار التنسيقي"، أهمية تنفيذ الخطوة، والمضي بتشكيل الحكومة. وأعقب ذلك تصريحات لقادة فصائل مسلحة وممثليها، انتهجت الخطاب ذاته بإعلان تأييدها الخطوة.


ويبدو أن المناطق السُنية هي الأكثر استفادة من نزع السلاح الفصائل، وانسحابها من تلك المناطق، لا سيما وهي التي تسيطر على عدد كبير من المدن ذات الغالبية السنية، أبرزها جرف الصخر شمالي بابل، ومناطق أخرى في عدد من المحافظات.


وتشهد الساحة السياسية والأمنية في العراق حراكاً غير مسبوق بشأن ملف حصر السلاح بيد الدولة، في ظل تداخل ضغوط داخلية وخارجية، وتباين واضح في مواقف الفصائل المسلحة والقوى السياسية المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يضم القوى السياسية الشيعية الحاكمة في البلاد.


تخفيف الضغط


في هذا الصدد يقول محافظ نينوى الأسبق والسياسي، أثيل النجيفي، إن أهم فائدة للسنة، هو تخفيف الضغط العسكري الموجود في عدد من المناطق السنية.


ولفت النجيفي خلال حديثه لمنصّة "الجبال" إلى أن "خضوع جميع الفصائل المسلحة لمؤسسات الدولة الأمنية يضعهم تحت طائلة المحاسبة القانونية إذا جرى أي تجاوز، لا سيما مع وجود ضغط دولي بهذا الإتجاه".


وأضاف أن "وجود الفصائل المسلحة في مراكز المدن، مثل الموصل وباقي المناطق، وانتشار المكاتب الاقتصادية التابعة لتلك الفصائل، ضيق الخناق على المواطنين، بسبب تصرفاتهم والضغوطات التي يمارسونها على الأهالي، بالتالي إن حصر السلاح بيد الدولة سيريح المدن السنية".


وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، أعلن في وقت سابق عن استجابة فصائل مسلّحة لمبدأ حصر السلاح بيد الدولة، في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة ضغوطها على بغداد لإنهاء دور الفصائل ومنع مشاركتها في الحكومة الجديدة، بعد حصولها على عدد كبير من المقاعد النيابية.


فائدة لكل العراق


من جهة أخرى يؤكد السياسي والنائب السابق، مثال الآلوسي أن حصر سلاح الفصائل المسلحة، فيه فائدة لكل العراقيين، وليس المكون السُني فقط.


وذكر في حديث لـ "الجبال" أن "كل المدن العراقية تضرّرت بسبب وجود الفصائل المسلحة، وأعمالها "الإجرامية"، وتضييقها على الحريات العامة في بغداد، وجميع المحافظات، وقصفها المتكرر لمدن كوردستان وحقوله الغازية النفطيىة، ومنشآته الاقتصادية".


أشار الآلوسي إلى أن "السنة سيستفيدون من حصر سلاح الفصائل بيد الدولة، تمهيداً لحلها، لكون مدنهم تأثرت بشكل كبير، بسبب تواجد تلك (الميليشيات) وفرضها الإتاوات، ومنعها للعوائل النازحة من العودة، وفرض واقع جديد على تلك المناطق بقوة السلاح".


وتنتشر الفصائل المسلحة، وتحديداً "كتائب حزب الله" و"النجباء" على طول الشريط الحدودي مع سوريا من جهة قضاء القائم في محافظة الأنبار، فيما تنتشر "فصائل سيد الشهداء" في مناطق سنجار بمحافظة نينوى، بينما تسيطر "عصائب أهل الحق" على أجزاء واسعة من محافظة صلاح الدين، أبرزها مناطق العوجة وبلد ويثرب، وبيجي، وتكريت.


وتنتشر عدة فصائل مسلحة في مناطق محافظة ديالى، أبرزها "بدر"، و"عصائب أهل الحق"، فيما تسيطر "كتائب حزب الله"، على ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل، أما مناطق حزام بغداد، فتسيطر عليها فصائل مختلفة، أبرزها "كتائب الإمام علي، والنجباء، وسيد الشهداء".


وخلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حصلت القوائم التابعة للفصائل المسلحة على أكثر من 70 مقعداً، أبرزها، كتلة صادقون التابعة لعصائب أهل الحق، وكتلة حقوق التابعة لكتائب حزب الله، وتحالف خدمات التابع لكتائب الإمام علي.


ويأتي هذا كله وسط تصريحات متلاحقة لمبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، مارك سافايا، التي يؤكد فيها على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة ومساءلة الجماعات المسلحة الخارجة عن إطار السلطة، كما يدعو إلى تعزيز سيادة العراق وسط بيئة سياسية وأمنية يزداد فيها حضور الفصائل ذات الأجنحة العسكرية داخل العملية السياسية.


عودة النازحين


في سياق متصل يرى عضو تحالف "السيادة"، طه اللهيبي، أن موضوع حصر سلاح الفصائل بيد الدولة، هي خطوة مهمة، نحو تعزيز الأمن والاستقرار، وعودة النازحين إلى مناطقهم. وأكد بدوره خلال حديث لـ "الجبال" أن "المدن السنية هي الأكثر تضرراً من فوضى انتشار السلاح، وارتكبت بحقهم ممارسات غير قانونية، ولا يزال الآلاف من المغيبين من أبناء تلك المدن مصيرهم غير معلوم".


بيّن اللهيبي أنه "لدينا الآلاف من النازحين لا يستطيعون العودة لمدنهم، ويعيشون في مخيمات منذ أكثر من عشرة سنوات، بسبب قرار الفصائل التي تسيطر على مدنهم، وتمنع عودة تلك العوائل، بالتالي فائدة حصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية سيعم بفائدته على الجميع، وخاصة أبناء المكون السني".


وأعلنت فصائل عراقية مسلحة معارضتها، لقرار تسليم السلاح بيد الدولة، وأبرز تلك الفصائل، هي "كتائب حزب الله، وحركة النجباء".


وأكدت مصادر مطلعة أن "المبعوث الأميركي مارك سافايا، يرافقه عدد من المسؤولين الأميركيين، سيزورون بغداد قريباً للقاء عدد من المسؤولين في الحكومة العراقية وقيادات سياسية مختلفة، لمناقشة ملفات مهمة تخص العراق، وعلى رأسها، موضوع الفصائل المسلحة.


من جانب آخر، يشير رئيس جبهة الخلاص، ثائر البياتي، أن "المدن السنية في العراق عانت من أفعال الفصائل، طيلة السنوات الماضية، ما بين قتل وتغييب، وتهجير، واستيلاء على الأراضي".

 

وقال في تصريح لـ "الجبال" إن "أكثر من 10 آلاف مغيب، من مناطق الصقلاوية في الأنبار، وبيجي في صلاح الدين، ومناطق حزام بغداد، ومناطق نينوى، وديالى، لم يعرف مصيرهم، بعد ان قامت الفصائل باختطافهم، منذ أكثر من ثمانية سنوات".


وتابع: "تلك الفصائل التي تسيطر على مناطق القائم وجرف الصخر والعوجة وحزام بغداد، حولت تلك المناطق إلى معسكرات وثكنات عسكرية، وبؤرية للمخدرات، كما أنها تقوم بفرض الإتاوات على التجار والمزارعين، وأصحاب المصالح العامة في المدن السنية".


ونوّه البياتي إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية لن تكتفي بنزع سلاح الفصائل، بل سيكون الأمر أكبر، ويصل إلى حل تلك الفصائل بالكامل، والبقاء على الجيش والشرطة والمؤسسات الرسمية، مشيراً إلى أنه "لن تنطلي على واشنطن، هذه المناورة التي تحاول الفصائل ممارستها، من خلال محاولة الإندماج بالمؤسسات الحكومية".


وشدّد على أن "المكون السُني سيكون أكثر استفادة من نزع السلاح الفصائل، وسيكون ذلك مقدمة لعودة جميع النازحين لمناطقهم الأصلية، ونهاية مرحلة تعيسة، مارست فيها تلك الفصائل كل الأعمال غير القانونية بحق أبناء تلك المناطق".


الجبال

نُشرت في السبت 27 ديسمبر 2025 02:50 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.