يتوقع بأن يجدد البابا لاوون الرابع عشر دعواته إلى السلام الخميس في أول صلاة له يوم عيد الميلاد من كاتدرائية القديس بطرس، في ختام عام خيّمت عليه النزاعات، لكن تعززت خلاله أيضاً الآمال بتحقيق السلام في غزة.
وفي بيت لحم، احتفل المسيحيون بأول عيد ميلاد يقام في أجواء تسودها البهجة منذ أكثر من عامين طغت خلالهما أحداث حرب غزة على احتفالات المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلة.
لكن دعوة لاوون الرابع عشر هذا الأسبوع لهدنة عالمية ليوم واحد لم تلق آذانا صاغية في أوكرانيا حيث تواصل القتال، في وقت يستعد الحبر الأعظم لإقامة صلاة "بركة لمدينة روما والعالم" عند الساعة 12,00 (11,00 ت غ) والتي يتطرق خلالها البابا عادة إلى نزاعات حول العالم ويحض على السلام.
ومساء الأربعاء، ترأس البابا أول قداس عيد ميلاد له وصف خلاله المناسبة بأنها احتفال بـ"الإيمان والإحسان والأمل".
وقبل ذلك، تحدث البابا إلى نحو خمسة آلاف مؤمن احتشدوا أمام كاتدرائية القديس بطرس، مقدما لهم الشكر لحضورهم رغم المطر لمتابعة القداس عبر شاشات عملاقة.
وقال "كاتدرائية القديس بطرس واسعة جدا ولكنها للأسف لا تتسع لاستقبالكم جميعا".
ومن المقرر أن يقيم لاوون قداسا آخر يوم عيد الميلاد، مجددا بذلك تقليدا يعود إلى عهد البابا الراحل يوحنا بولس الثاني (1978-2005).
"احتفالات بيت لحم"
في الأثناء، تجمّع مئات المصلين لحضور قداس في كنيسة المهد في بيت لحم ليل الأربعاء في أول احتفال تقيمه المدينة الفلسطينية منذ توقف حرب غزة.
وخلال الحرب المدمرة في غزة التي اندلعت جراء هجوم شنته حماس على إسرائيل يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عمدت بلدية بيت لحم المنظمة للاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد إلى تخفيف مظاهر الاحتفال، فاقتصرت على المراسم الدينية.
لكن الاحتفالات عادت هذا العام إلى المدينة التي تعد مسقط رأس السيد المسيح، حسب المعتقد المسيحي، إذ جابت فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء على أنغام الموسيقى.
وغصّت كنيسة المهد بالمصلين قبل منتصف الليل بوقت طويل إذ وقف كثيرون أو جلسوا على الأرض بانتظار القداس التقليدي الذي يقام عشية يوم الميلاد.
وعند الساعة 23,15 (21,15 ت غ) وعلى أنغام الموسيقى، دخل عشرات رجال الدين إلى الكنيسة وتبعهم بطريرك اللاتين في القدس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا الذي بارك الحشود.
ودعا بيتسابالا إلى السلام والأمل بينما أشار إلى زيارة قام بها إلى القدس نهاية الأسبوع حيث قال إن "المعاناة ما زالت قائمة" رغم وقف إطلاق النار، في وقت يواجه مئات آلاف السكان برد الشتاء القارس بعدما تركتهم الحرب في خيام مهترئة ومنازل مدمرة.
وقال إنه "رغم عمق الجراح، فإن رسالة عيد الميلاد ما زالت تتردّد هنا وهناك.. عندما التقيت بهم، تأثّرت بقوتهم وبإصرارهم على البدء من جديد".
"احتفالات في سوريا"
وشارك مئات الأشخاص في مسيرة جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد بينما تجمّعت حشود غفيرة في الساحة المؤدية لها.
وقالت ميلاغروس إنسطاس (17 عاما) التي ترتدي الزي الأصفر والأزرق لكشافة الساليزيان في بيت لحم "اليوم مليء بالفرح، لأننا (قبل) لم نكن قادرين على الاحتفال بسبب الحرب".
ووقف رجال ارتدوا زي بابا نويل يبيعون الحلويات والألعاب فيما التقطت عائلات صورا تذكارية أمام مغارة الميلاد.
وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية.
ويعود بناء الكنيسة إلى القرن الرابع، وقد بُنيت فوق مغارة يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح وُلد فيها قبل أكثر من ألفي عام.
وعبّر سكان بيت لحم عن أملهم في أن تعود الحياة والسياحة إلى المدينة مع عودة الاحتفالات بعيد الميلاد.
وقال جورج حنا من بلدة بيت جالا المجاورة "بيت لحم مكان مميّز جدا، نريد أن تصل رسالتنا إلى العالم كله، وهذه هي الطريقة الوحيدة".
وأما في سوريا، زيّنت أضواء عيد الميلاد أحياء دمشق القديمة رغم تخوّف الأقلية المسيحية من أعمال العنف بعد هجوم دموي وقع في حزيران/يونيو.
وفي حي باب شرقي، زيّنت كرات حمراء أغصان الأشجار على جانبي الطريق بينما أنارت بعض المتاجر واجهاتها فيما نادى باعة جوالون على العابرين لشراء القهوة أو الكستناء المشوية.
وقالت الطالبة الجامعية لوريس عساف (20 عاما) لفرانس برس "تستحق سوريا الفرح، وأن نكون فيها سعداء ونتأمل بمستقبل جديد".
"حزن"
وفي رسالة مناقضة لتلك الصادرة عن الشخصيات الدينية، هنّأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع بعيد الميلاد، بمن فيهم "حثالة اليسار المتطرف"، في إشارة إلى الديموقراطيين.
في الأثناء، تشهد كالفورنيا أحوال طقس حادة إذ أعلنت السلطات حالة الطوارئ في لوس أنجليس وأمرت بعمليات إجلاء، خشية وقوع فيضانات كبيرة.
أما في أستراليا، وجّه رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي رسالة حزينة بعد الهجوم الذي استهدف احتفالا بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) على شاطئ بونداي في 14 كانون الأول/ديسمبر وأودى بحياة 15 شخصا.
وقال "إن الهجوم الإرهابي الذي استهدف يهود أستراليا خلال احتفالهم بحانوكا في شاطئ بونداي يملأ قلوبنا بحزن عميق".
البابا ليون الرابع عشر يحيي قداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان (تصوير: أندرياس سولارو / وكالة فرانس برس)