القصة الكاملة لمعمل ينتج المخدرات من السليمانية.. كيف يعرقل مسؤولون التحقيقات بالأمر؟

6 قراءة دقيقة
القصة الكاملة لمعمل ينتج المخدرات من السليمانية.. كيف يعرقل مسؤولون التحقيقات بالأمر؟ مخدرات/ تعبيرية

بعد أكثر من خمسة أشهر من ضبط معمل للمخدرات بالقرب من دربنديخان في محافظة السليمانية، ورغم إصرار وزارة الداخلية العراقية على التحقيق في القضية، أكد مصدر لمنصة "الجبال" أن "سياسيين نافذين في المنطقة يعرقلون عملية التحقيق".


ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "الجبال"، كان المعمل يستخدم لجلب المواد الخام من الدول المجاورة وإنتاج حبوب الكبتاغون التي يتم بيعها محلياً وتهريبها عبر الحدود إلى الدول المجاورة أيضاً.

 

وبحسب وثائق اطلعت عليها "الجبال"، "تجري التحقيقات بإشراف مباشر من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إذ وجّه وزارة الداخلية بالتحقيق ليس فقط في المعمل، بل وأيضاً في طريق تجارة المخدرات في أجزاء من البلاد، بما في ذلك محافظة السليمانية، التي تصفها الوثائق بأنها طريق رئيسي للاتجار بالمخدرات".

 

وعلى نحو مماثل، أشار تقرير صادر عن الاستخبارات العراقية إلى كيفية "قيام عدد من المسؤولين من حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني بتحويل السليمانية إلى طريق رئيس لتجارة المخدرات".

وأوضح التقرير أن "تجار مخدرات يشترون المواد من أوزبكستان وأفغانستان وإيران يقومون بنقلها عبر مدينة بانه غرب إيران إلى منطقة قلعة دزه ومن هناك إلى السليمانية، ثم كفري، ومن هناك إلى محافظات أخرى مثل بغداد والأنبار".

 

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، مقداد ميري، لـ "الجبال" إن حجم المخدرات المضبوطة خلال العام الماضي ارتفع بنحو 210%، وتم تفكيك ما لا يقل عن 569 شبكة لتهريب المخدرات خلال العامين الماضيين.


وفي حديثه عن المختبر القريب من دربنديخان، قال ميري: "لقد تم تشكيل لجنة متخصصة للتحقيق في المختبر والتحقيقات لم تتوقف".


لكن "الجبال" علمت أن "الشخصيات السياسية المؤثرة في المنطقة خلقت مراراً عقبات أمام التحقيقات الجارية، بسبب المبالغ الضخمة التي تجنيها من هذه التجارة". 


وقد تم اعتقال عدد من المشتبه بهم في عملية مشتركة شنتها قوات الأمن الكوردية والاتحادية. مع ذلك، ترى أطراف عديدة أن المعتقلين لم يكونوا مسؤولين عن إنشاء المختبر، ولا حتى على علم بما كان يحدث داخله.

 

وفي اجتماع مع أنصاره أثناء حملته الانتخابية للانتخابات البرلمانية لإقليم كوردستان قبل بضعة أيام في دربنديخان، أكد لاهور طالباني، الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني الكوردستاني، صحة وجود مختبر المخدرات في المدينة.


وقال طالباني: "لقد أحضروا مختبرات مخدرات إلى هنا، والرجل المسكين الذي تم اعتقاله لا علاقة له بالمختبر. أنا أعرف من يملكه، لقد أحضروه من سوريا وقد تعاونوا مع شخصية دينية في بغداد. إنها السلطة العليا في الحزب".


ويتمتع طالباني بدعم هائل وعدد كبير من المناصرين في محافظة السليمانية، وبعد خلافات مع زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني الحالي بافل طالباني، تمت إقالة لاهور طالباني من منصبه في عام 2021. وقد دخل السباق الانتخابي الحالي بقائمة مستقلة تسمى "جبهة الشعب".

 

والتقت "الجبال" بعدد من متاجري المخدرات الذين يقضون الآن عقوباتهم في سجون إقليم كوردستان. وهم أوضحوا أنه "تم خداع بعضهم بطريقة ما في العمل، بينما دفع الجشع الآخرين للسير بهذا المسار".

 

وقالت إحدى المحكومات مشترطة عدم الكشف عن اسمها: "ذات مرة طلب مني أخي نقل كمية كبيرة من المخدرات من إيران عبر حلبجة، كنت خائفة في البداية، لكنه أخبرني أنهم لا يشكون في النساء ولن يتم القبض علي".

 

وأضافت: "لقد فعلت ذلك مرتين ولم أعد خائفة، لكن في إحدى المرات كان من الواضح أن شخصاً ما أبلغ عنّا وتم القبض علي بإحدى نقاط التفتيش في أربيل".

 

ويعتقد آخرون أن "غالبية المشاركين في تجارة المخدرات متأثرون بالجشع،  وغالباً ما يكون المال المعروض عليهم مبلغ لا يمكنهم رفضه".

 

قال أحد المدانين لـ"الجبال": "يجب أن يكون هناك فرق بين التاجر الرئيس والأشخاص الناقلين، ونحو 90% من الذين يتم القبض عليهم هم أشخاص ينقلون المواد فقط"، مضيفاً: "لكن دعنا لا نصدق أن جميع هؤلاء تعرضوا للخداع، في بعض الأحيان لا يعرف الشخص الناقل للمواد ما ينقله، لكن في أوقات أخرى تعرض عليهم مبالغ كبيرة من المال يصعب رفضها".

 

تم القبض على أكثر من 1000 شخص بتهم تتعلق بالمخدرات في إقليم كوردستان في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024.

 

وقال أركان بيباني، مسؤول في إدارة مكافحة المخدرات في إقليم كوردستان إن "قوات الأمن اعتقلت 1003 مشتبهين في سبعة أشهر. بينهم 529 متاجراً و474 متعاطياً"، مضيفاً أنه "تمت مصادرة 194 كيلوغراماً من الحبوب المخدرة خلال العمليات الأمنية" بالمدة المذكورة.

 

وأوضح المسؤول أنه خلال الحملة التي استمرت سبعة أشهر، صادر قسم مكافحة المخدرات أكثر من 170 كيلوغراماً من الميثامفيتامين الكريستالي، و653 غراماً من الهيرويين، و177 غراماً من الحشيش، و21 كيلوغراماً من الأفيون، و398 غراماً من الماريجوانا.

 

ووفقاً للبيانات التي حصلت عليها الجبال، كان هناك حتى شهر حزيران الماضي 1381 شخصاً متهماً بتعاطي المخدرات أو الاتجار بها في سجون أربيل.

 

أصبحت تجارة المخدرات تحدياً كبيراً للعراق وإقليم كوردستان، حيث تحول تركيز البلاد من مكافحة الإرهاب إلى معالجة أزمة المخدرات المتصاعدة.

 

والتقى وفد من مؤسسة "ستيرلنج" الأميركية الخيرية مع محافظ أربيل أوميد خوشناو في حزيران 2024، لمناقشة افتتاح مركز لإعادة التأهيل في المحافظة.

 

وجاءت المبادرة بالتزامن مع وصول مركز آخر لإعادة التأهيل إلى المراحل الأخيرة من الإنجاز في قضاء شقلاوة بنفس المحافظة، كما يجري إنشاء مركزين آخرين في محافظتي السليمانية ودهوك.

 

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية في أوائل حزيران 2024 أنها ضبطت أكثر من 1.5 طن من المخدرات في النصف الأول من العام، بإجمالي خمسة أطنان تم ضبطها على مدى عامين.

 

ورغم فرض عقوبات صارمة، لا يزال العراق يعاني من مشكلة المخدرات المتصاعدة التي اشتدت منذ الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003.

 

لقد تحولت البلاد من طريق عبور للمخدرات من إيران وباكستان إلى مركز لتصنيع المخدرات، كما ورد في تقرير صادر عن معهد واشنطن عام 2022.

 

وتواجه البلاد تحديات كبيرة بهذا المسار، مثل نقص مراكز إعادة التأهيل واكتظاظ السجون، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الانتكاس بين السجناء السابقين.

 

وتفرض القوانين العراقية عقوبات تصل للإعدام أو السجن مدى الحياة على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، لكنها لم تتمكن بعد من الحد بشكل كامل من تعاطي المخدرات والإتجار بها.

الجبال

نُشرت في الأربعاء 9 أكتوبر 2024 01:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.