بعد مرور عام.. ما هي أبرز آثار أحداث "7 أكتوبر" على العراق؟

8 قراءة دقيقة
بعد مرور عام.. ما هي أبرز آثار أحداث "7 أكتوبر" على العراق؟ تعبيرية

تحالفات جديدة وتهديد للنظام السياسي.. و"محور المقاومة" قد يتفكك

منذ عام كامل، تحبس منطقة الشرق الأوسط أنفاسها، بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023، وإعلان "إسرائيل" حربها الوحشية على غزّة، ومن ثم تصعيد علمياتها العسكرية في جبهة الشمال ضد لبنان، حيث حصدت الحرب المستعرة أرواح عشرات آلاف المدنيين في غزة ولبنان حتى الآن، ودمرت غالبية المناطق التي طالتها بشكل كامل، والعراق في كل الأحوال، لم يكن خارج حسابات هذا التصعيد.  

 

ومن اللحظة الأولى، أشادت الفصائل العراقية المسلحة بطوفان الأقصى،  معلنة الدعم الكامل لـ "المقاومة" في غزة، وأعلنت انضمامها لحلبة المواجهات باستهداف مواقع إسرائيلية بالصواريخ والمسيرات دعماً للفلسطينيين وردّاً على المساندة الأميركية والغربية لإسرائيل، وقد كثفت تلك الفصائل عملياتها بشكل ملحوظ عقب اغتيال الجيش الإسرائيلي لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله، أي أن العراق كان ضمن الدائرة الحمراء على مدى عام وانعكست عليه آثار الحرب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

مخاطر تهدّد النظام السياسي


إحسان الشمّري، استاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، أكد أن أحداث 7 أكتوبر أثرت بشكل كبير على العراق داخلياً وخارجياً.

 

وقال الشمري في حديث لمنصة "الجبال"، إن "هناك آثار كبيرة لسبعة أكتوبر على العراق، تتمثل بثلاثة مستويات، سياسية، اقتصادية، وإعلامية"، موضحاً أنه "على الصعيد السياسي، ولّد الحدث حالة انقسام في الداخل العراقي ما بين مؤيد لحماس وما بين معارض لها، بالتالي أدّى ذلك إلى تأثر الحكومة ووقوعها في دائرة الجدل السياسي حول هذين الموقفين. وعلى المستوى الدبلوماسي ظهر وقوف الحكومة إلى جانب (محور المقاومة) ما جعلها في نظر بعض الدول حكومة غير محايدة".

 

وعلى المستوى الاقتصادي "تأثر العراق بشكل كبير جداً، خصوصاً في ظل التذبذب بأسعار النفط، والقلق من أن يتحول العراق إلى ساحة اشتباك،  ويؤثر ذلك على المستثمرين وعلى رؤوس الأموال فيه"، حسب قوله.

 

وفي المستوى الثالث، الإعلامي، ذكر الشمري أنه "يمكن أن يعتبر الأكثر تأثراً بحكم وجود الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، وإعلانها العمل على مبدأ وحدة الساحات ووحدة الجبهات، واتخاذها قرار الدخول في الحرب. ما أدّى إلى إرباك الوضع الأمني"، مبيناً أن "نحن الآن على مسافة مع قرار قد تتخذه إسرائيل  باستهداف العراق، خصوصاً أن حكومة محمد شياع السوداني لم تمتلك القدرة على الحد من الهجمات من قبل هذه الجماعات المسلّحة، هي فشلت في إجراء المفاوضات معها، وكان يجب أن تستخدم أدوات أكثر تأثيراً للحد من انخراط العراق".

 

ولفت الأكاديمي في جامعة بغداد إلى أن "العراق أصبح جزءاً من الحرب بعد تاريخ 7 اكتوبر، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أشار إلى أن العراق، وهذا يعني النظام وليس الفصائل المسلحة فقط، أصبح من دول الشر ودول الأعداء. وهذا قد يكلّف العراق كثيراً".

 

وعن التغييرات التي أحدثتها الحرب في الواقع السياسي الداخلي قال الشمري إن "الأحداث غيرت الكثير، إذ نشهد انقساماً كبيراً جداً داخل تحالف الإطار التنسيقي، بين مؤيد للفصائل المسلحة ومعارض لها. كما أدت الحرب لنشوء تحالفات جديدة وإن لم تكن معلنة أو منظورة للإعلام"، مؤكداً: "هناك اصطفافات سياسية جديدة، وتحوّل تجاه الفصائل التي تشكل حكومة السوداني، تحول رافض لأن تقود تلك الفصائل قرار الحرب، بالتالي انسحب ذلك على رؤى وتوفقات داخلية".

 

ويرى الشمري من جانب آخر أن "تداعيات الحرب على العراق، عطلت موضوع اختيار رئيس جديد للبرلمان الذي كان من الأولويات، كما عطلت قضايا الإصلاح التي وعدت بها الحكومة، فلم تعد لتلك الملفات أولوية"، وفقاً للشمّري الذي أوضح أن "الأزمة الراهنة كشفت عدم قدرة الحكومة على الإمساك بمبدأ التوازن، وأصبحت الآن جزءاً من محور، وهذا سيكلفها كثيراً كحكومة ورئيس حكومة".

 

الفصائل في مركز الحسابات

 

من جانبه أكد أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات الأمنية، مهند سلوم، أنه كان للحرب آثار كبيرة على العراق حتى الآن، لكنها غير مباشرة. وذكر أن "أحداث 7 أكتوبر أشعرت الفصائل بالسعادة لأن ذلك أعطاها مبرراً للبقاء، فعادة تعتاش وتتكاثر وتتجذر هذه الفصائل في البيئات غير المستقرة"، مشيراً إلى أن "الفصائل بدأت في الأشهر الأخيرة الماضية تفكر باستهداف إسرائيل باسلحة إيرانية، وفعلاً تم الاستهداف وظنت أن هذا يعطيها شرعية أكبر باعتبارها تقاوم إسرائيل، بالإضافة الى استحضارها لدورها في مقاومة الأميركان".

 

وأوضح سلوم أن "الوضع بات خطيراً جداً، إذ أن دخول الفصائل في مواجهة مع إسرائيل يمكن أن يكلفها الكثير. لهذا نجد تراجعاً بنبرة العدائية اتجاه إسرائيل والاختباء وراء الحكومة العراقية، وهي تقول إن الحكومة العراقية هي الواجهة، باستثناء فصيل واحد وهو (النجباء) بقيادة أكرم الكعبي".

 

وعلى عكس الشمري، رأى سلوم أن أحداث السابع من أكتوبر 2023 لم تغير كثيراً في الداخل العراقي، باستثناء الفصائل المسلحة العراقية التي استغلت الحدث للترويج لنفسها، مستدركاً بأنه "يمكن أن تنعكس الأحداث الجارية على المستقبل كون الولايات المتحدة تراقب كل شيء، حتى تصرفات الميليشات"، لافتاً إلى أن "هذه الميليشيات مخترقة إلى حد كبير سواء من الطرف الأميركي أو من الجانب الإسرائيلي، وبعد ما حدث لحزب الله فإن الفصائل أدركت جيداً وضعها ومدى قدرتها على المناورة والمواجهة مع أميركا ومع إسرائيل، هي ضعيفة جداً ولا يمكنها فعل شيء، لكنها جزء من المحور وإيران تضغط على هذه الفصائل لتستهدف أميركا وإسرائيل".

 

وأكد أن "أحداث 7 أكتوبر ستكون لها انعكاسات سلبية على العراق مستقبلاً أكثر مما تكون إيجابية".

 

تفكيك المحور

 

من جانبه رأى الباحث السياسي عقيل عباس، أن أحداث 7 أكتوبر وضعت الحكومة العراقية في مواجهة الفصائل المسلحة لأول مرة على نحو لم يسبق له الحدوث، ووضعت الفصائل المسلحة في مواجهة أميركا على نحو لم يحدث أيضاً من قبل، مؤكداً أنه "في كلا الحالتين تراجعت قوة الفصائل". 

 

عباس قال إن "الحكومة استطاعت أن تضبط نسبياً دخول الفصائل في النزاع بغزة، كذلك عند استهداف الفصائل القوات الأميركية ردت الولايات المتحدة بقصف مواقعها وقتل اثنيين من القياديين الميدانيين في الكتائب. جاء التأثير من هذا الجانب، في ازدياد حدّة المواجهة"، مستدركاً بأن "الفصائل لم تستطع إثبات إرادتها ولا الوقوف إلى جانب حزب الله، بمعنى آخر إن المواجهة المباشرة عرّت الفصائل وأظهرت عجزها عن أداء دورها المنوط بها كجزء من محور المقاومة، فكان دورها محدوداً وليس مؤثراً".

 

وأشار الباحث السياسي إلى غموض النهايات ونتائجها على العراق لعدم معرفة المسار الذي ستنتهي فيه المواجهة.

 

وبحسب قول عباس "إذا انتهت هذه المواجهة بتفكيك حزب الله وانسحابه من الجنوب وتسليم الحدود للقوات اللبنانية الرسمية، كذلك تفكيك حماس وتولّي السلطة الفلسطينية إدارة غزة، فهذا يعني تفكيك محور المقاومة في العالم العربي، والذي يتواجد في العراق وسوريا ولبنان."، منوهاً إلى أن "سورية تحاول أن تنأى بنفسها عن النزاع لدرجة أن الهجمات الإسرائيلية على البلد لا تقابل برد. والقوة الأهم في محور المقاومة في هذا النزاع هو حزب الله، وإن ما يحدث الآن هو لإضعافه وتفكيكه عسكرياً وربما يتحول اشتراطاً فيما بعد إلى مؤسسة سياسية فقط كما ترغبان أميركا وإسرائيل أن تفعلان مع حماس".

 

ووفقاً لقول عباس "إذا حدث هذا، يعني أن محور المقاومة قد تفكك. وإن كيفية انتهاء النزاع في لبنان وغزة سيؤثر بشكل كبير على الفصائل العراقية ومستقبلها، فهي الآن متأثرة سلباً لكن قد يزداد هذا التأثير السلبي على قوتها، حينها لن يكون لدى الفصائل العراقية أي مبرر للاستمرار".

الجبال

نُشرت في الثلاثاء 8 أكتوبر 2024 03:40 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.