خاص| بعد الشتائم المتبادلة و"طارف الديوان".. ما دلالات خطوة تشكيل المجلس السياسي السني؟ 

خاص| بعد الشتائم المتبادلة و"طارف الديوان".. ما دلالات خطوة تشكيل المجلس السياسي السني؟  (فيسبوك)

شهدت الساحة السياسية العراقية تطوراً بارزاً بإعلان القوى السنية الفائزة في الانتخابات عن تشكيل "المجلس السياسي الوطني"، والذي يضم خمسة تحالفات، وهم كلا، من حزب تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، وتحالف عزم برئاسة مثنى السامرائي، وتحالف السيادة برئاسة خميس الخنجر، وحسم برئاسة ثابت العباسي، والجماهير برئاسة أحمد عبد الله الجبوري.

 

ويحمل هذا الإعلان رسائل متعددة في هذا التوقيت، فالمجلس الجديد يُنظر إليه على أنه يشكّل النسخة السنية الأقرب إلى الدور الذي يلعبه "الإطار التنسيقي" داخل البيت الشيعي، بما يعزز موقع القوى السنية في التفاهمات السياسية المقبلة، سواء المتعلقة بتشكيل الحكومة أو توزيع المناصب العليا.

 

وجاء الإعلان عن المجلس الجديد، بعد سلسلة من الاتهامات وتبادل الشتائم بين زعامات وقادة المكون السُني، خلال فترة الدعاية الانتخابية، وصل بعضها إلى استخدام الألفاظ الجارحة والنابية.

 

وخلال فترة الدعاية الانتخابية، توعد رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي خصومه بأن لايكون لهم دوراً في المرحلة المقبلة، متوعداً بإجلاسهم "بطارف الديوان، ولا يتكلمون إلا بالاستئذان".

 

لكن، وبعد انتهاء الانتخابات، وإعلان النتائج، فإن الأمور قد تغيرت، خاصة في ظل الحديث عن وجود فيتو يمنع تسلم الحلبوسي أي منصب سيادي في المرحلة المقبلة، سواءً رئاسة الجمهورية، أو رئاسة البرلمان.

 

استشعار الخطر

 

إلى ذلك وصف القيادي في تحالف عزم حيدر الملا المجلس السياسي الوطني، بأنه "مشابه للإطار التنسيقي الشيعي، وهو تجمع للقوى السنية، التي استشعرت خطر المرحلة، وقررت الجلوس على طاولة واحدة".

 

وبين خلال حديثه لـ "الجبال" أن "المجلس ستقع عليه مهمة كتابة الورقة التفاوضية للمكون السُني، وأيضاً المساهمة في البرنامج الحكومي للحكومة المقبلة، وكذلك طرح مطالب المحافظات السنية، وآلية تنفيذها".

 

وأضاف أن "المجلس سيتولى مهمة الاستحقاقات للمكون السني، وتسمية المناصب المخصصة للمكون، ويتولى مهمة التفاوض مع المكونات الأخرى".

 

من جهة أخرى يرى النائب السابق في البرلمان كامل نواف الغريري أن الزعامات والقيادات السنية التي قامت بتشكيل المجلس السياسي الوطني، هي "جمع وجوه، وليس جمع قلوب".

 

ولفت خلال حديثه لـ "الجبال" إلى أنه "لفترة قصيرة، وسوف تفارق هذه الوجوه عند توزيع المناصب، وسوف يختلفون على ذلك، ولهذا، ندعوهم إلى جمع القلوب وينطلقون انطلاقة الأخوة في اتخاذ القرار الموحد والكلمة الموحدة".

 

وأشار إلى أن "الأهم من الاجتماع، وتشكيل المجالس، هو ترك الخلافات خلف ظهورهم، وترك تقاسم المناصب والمكاسب، والنظر إلى المكون السني، ومصالح المكون، ولو لمرة واحدة، بما يمر به من ويلات ويلات ومتاعب في كل شيء".

 

ومن خلال مراجعة قوائم نتائج الانتخابات، فإن الأحزاب السنية المعروفة عدا التحالفات مع القوى الأخرى، حصلت على 77 مقعداً من أصل 329، وتصدر حزب "تقدم" والقوائم الرديفة بزعامة الحلبوسي المركز الأول بين القوى السياسية السنية بحصوله على 33 مقعداً.

 

وحصل تحالف العزم على 17 مقعداً واحتل المركز الثاني بين القوى السنية، فيما حصل تحالف "السيادة" على 11 مقعداً، وتحالف "الحسم" بزعامة وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي على 8 مقاعد، وحزب "الجماهير الوطنية" بزعامة أحمد الجبوري على 3 مقاعد.

 

ويُعد تشكيل هذا المجلس خطوة تعكس رغبة واضحة لدى القوى السنية في تجاوز حالة التشتت التي رافقت عملها خلال الدورات السابقة.

 

وبحسب البيان الصادر عن المجتمعين، فإن "الدافع وراء هذه المبادرة هو استشعار حجم التحديات التي يمر بها العراق، وضرورة توحيد الرؤية والمواقف إزاء الملفات الوطنية، ولا سيما تلك التي تمس المحافظات ذات الغالبية السنية التي ما تزال تواجه تحديات أمنية وخدمية وسياسية متراكمة". 

 

ووفق ما جاء في البيان، فإن المجلس السياسي الوطني سيكون بمثابة الإطار التنظيمي الذي ينسق القرارات ويوحد المواقف بين القوى المختلفة، ويهدف إلى تعزيز التمثيل السني في مؤسسات الدولة والحفاظ على الحقوق الدستورية للمكوّن.

 

تجمع من دون تحالف

 

الباحث في الشأن السياسي مخلد حازم أكد بأن "هناك ضرورة ملحة أصبحت ليشكل مجلس سياسي للسنة، لاتخاذ قرارات موحدة، تصب في مصلحة المكون، واستحقاقاته، والموضوع ليس بالسهولة التي نتوقعها، والمجلس الجديد هو ليس تحالفاً، انما تجمع لتبادل الأفكار والآراء".

 

وذكر خلال حديثه لـ "الجبال" أن "المجلس إذا ما ذهب بتوحيد الرؤى، وتقديم التنازلات، فإنه سينجح، بعمله، ولكن إذا بقي الخلاف على المصالح الشخصية، والمناصب، والمنافع بين زعامات الكتل، فسيتعرض لاهتزازات وارتدادات في عمله، والأيام القادمة، ستكون كفيلة بأن تتضح فكرة المجلس، والتي يجب أن تراعي تطورات المعادلة الإقليمية الجديدة".

 

هيئة تنسيقية ومرشح واحد

 

من جهة أخرى كشف مصدر سياسي مطلع نتائج اجتماع القوى السياسية السنية في منزل رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر في العاصمة بغداد.

 

وأوضح خلال حديثه لـ "الجبال" أن "الاجتماع لم يطرح قضية توزيع المناصب حتى الآن، واتفقوا فقط على توحيد الرؤية، تجاه تحديات المرحلة المقبلة، وخاصة بما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط وتأثير الأمر على المعادلة العراقية".

 

وأشار إلى أن "المجتمعين اتفقوا فقط على تشكيل هيئة تنسيقية تضم ممثلاً عن كل تحالف، يتم تشكيلها خلال الأسبوع المقبل، لبدء مرحلة المفاوضات مع القوى السنية والكردية، كما وتم الاتفاق على أن تكون جميع الترشحيات التي تخرج من عباءة المجلس السياسي، واسم واحد فقط لمنصب رئيس البرلمان".

 

وجاءت خطوة إعلان المجلس السياسي الوطني، بعد إجراء نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون زيارة إلى أربيل، اجتمع فيها مع كلا من زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، ورئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور برزاني، تناولت مجمل الأوضاع في العراق لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، والمساعي بين الأطراف السياسية لتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة.

 

وتحتاج الحكومة المقبلة إلى الموازنة الحذرة بين النفوذ الأمريكي والإيراني. ويتعين عليها أيضاً السيطرة على عشرات الفصائل المسلحة الأكثر قرباً إلى إيران، والتي تدين بالولاء لقياداتها أكثر مما تدين للدولة، في وقت تواجه فيه بغداد ضغوطا متزايدة من الولايات المتحدة لتفكيك تلك الفصائل.

 

فيما اعتبر النائب عن تحالف السيادة مضر الكروي إعلان المجلس السياسي الوطني بأنه خطوة ناجحة، وتعكس مدى حرص القيادات السنية على مصلحة المكون السني في المرحلة المقبلة.

 

وأضاف خلال حديثه لـ "الجبال" أن "هذه الخطوة جاءت بدعوة من رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، الذي ينظر له باحترام بين جميع القيادات والزعامات السنية، وهو دائماً ما يفكر بالمصلحة العامة".

 

وتابع أن "المجلس سيستمر، وقد جاء برغبة داخلية، ولا توجد هناك توجيهات خارجية، فمصلحة محافظاتنا تتطلب الاجتماع، والتواصل، وتنسيق المواقف، والتحديات المقبلة، تطلب هذا التواصل المستمر".


الجبال

نُشرت في الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 11:32 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.