خاص| الانتخابات ترسم خارطة سياسية جديدة بالبصرة.. حديث عن "صراع مالي محتدم" و"اختراق انتخابي"

خاص| الانتخابات ترسم خارطة سياسية جديدة بالبصرة.. حديث عن "صراع مالي محتدم" و"اختراق انتخابي" مدينة البصرة/ أرشيفية

لم تكن الدورة النيابية الحالية في البصرة امتداداً طبيعياً لما سبقها، بل شكلت مفصلاً انتخابياً فارقاً فاجأ المراقبين والمرشحين على حد سواء، إذ حملت نتائجها صدمة مدوية لكثير من الأسماء اللامعة وشيوخ العشائر الذين خاضوا السباق بثقة المنتصرين ووقفوا أمام جمهورهم واثقين بأن طريقهم إلى البرلمان ممهد بالنفوذ والوجاهة، غير أن صناديق الاقتراع قلبت المشهد رأساً على عقب فاهتزت مواقع كانت تُعد راسخة وسقطت شخصيات اعتادت على حضور ثابت في المعادلة السياسية البصرية.

 

من بين هؤلاء الشيخ مزاحم التميمي عن ائتلاف الإعمار والتنمية، والشيخ ضرغام المالكي النائب السابق، وغسان العيداني، وسارة الصالحي، وآخرون ممن أزاحتهم موجة التحول الجديدة التي قلصت مقاعد تحالفهم من ثمانية إلى ستة، مقابل صعود متسارع لقائمة «صادقون» التي حصدت خمسة مقاعد، لتعيد رسم الخريطة السياسية في المحافظة وتعلن عن تبدّل عميقٍ في مزاج الناخب البصري.

 

وفي خضم هذا التحول وجد عدد من النواب من مختلف الكتل أنفسهم في مواجهة واقع انتخابي جديد من بينهم عدنان الجابري، وزهرة البجاري وفاطمة الحاوي، وانتصار المالكي، وأمطار المياحي، وآخرون لتبدو البصرة وقد دخلت مرحلة سياسية أكثر تقلبًا وانفلاتًا من التوقعات المسبقة.

 

"صراع مالي"

الشيخ مزاحم التميمي المرشح عن ائتلاف الإعمار والتنمية وشيخ عشيرة بني تميم، أوضح في تصريح خاصّ منصة «الجبال»، اليوم السبت 15 تشرين الثاني 2025، أن "السباق الانتخابي في هذه الدورة النيابية السادسة التي حصلت بها 7000 صوت تميّز بطابع مختلف تماماً عمّا شهدته البصرة في الاستحقاقات السابقة"، مؤكداً أن "ما جرى لم يكن منافسة سياسية بقدر ما كان صراعاً مالياً محموماً تحكمه الأموال والنفوذ والمصالح الضيقة".

 

وبيّن التميمي أن "التحول المالي في هذه الدورة، بلغ مستوى غير مسبوق، إذ طغى على المشهد الإنفاق المفرط وشراء الولاءات واستمالة الأصوات" بطرق وصفها بأنها "بعيدة كل البعد عن روح العملية الديمقراطية"، مشيراً إلى أن "بعض المرشحين اعتمدوا على الوعود الوهمية والتضليل الإعلامي والتهريج الدعائي لكسب الشارع، ما شوّه صورة التنافس الانتخابي وأفقده معناه الحقيقي القائم على البرامج والرؤى والمواقف الوطنية".

 

"انعطافه"

بدوره، أشار الشيخ ضرغام المالكي شيخ عشيرة بني مالك والنائب السابق والمرشح عن كتلة "تصميم"، في حديث لـ«الجبال»، إلى أن "المشهد الانتخابي في البصرة هذا العام مثّل انعطافه غير مسبوقة في طبيعة السلوك الانتخابي لكلٍّ من الناخبين والمرشحين"، مبيناً أن "ما جرى يستدعي قراءة دقيقة ومتأنية لما خلفته العملية من نتائج وتحولات".

 

وأوضح المالكي أنه حصد أكثر من 2000 صوت انتخابي وكان ضمن المؤشرات الرئيسية للفوز وفق المعطيات الأولية، غير أن خسارة كتلته لمقعدين أدت إلى كسر النمط التقليدي للانتخابات في المحافظة بعدما كانت التوقعات ترجّح حصول كتلة تصميم على ثمانية مقاعد كاملة.

 

وأضاف أن "هذا التراجع يعود في جانب كبير منه إلى الصعود المفاجئ لقائمة (صادقون) التي حققت نتائج لافتة وغير متوقعة، الأمر الذي أعاد ترتيب موازين القوى داخل الساحة البصرية على نحوٍ لم تشهده الدورات السابقة".

 

"اختراق انتخابي"

في إطار الحديث عن الانتخابات وتأثيرها على المشهد في البصرة، تحدّث الناشط السياسي علي كريم، لـ«الجبال»، عن كسر نمطية كتلة "تصميم" من قبل حركة "صادقون"، مشيراً أن صادقون "خاضت الانتخابات الأخيرة في البصرة عبر حزمة مدروسة من التكتيكات والاستراتيجيات السياسية والإعلامية التي غيّرت من صورتها التقليدية لدى الشارع، فقد تخلّت الحركة على نحوٍ لافت عن الخطاب المتشدد المرتبط بالمقاومة والسلاح واتجهت نحو لغة أكثر اعتدالًا ومدنية تستجيب لتحولات المزاج الشعبي في المحافظة".

 

وبيّن كريم أن "صادقون اعتمدت على تنويع بصري ذكي في دعايتها الانتخابية، استثمرت فيه الرموز المحلية والمضامين الخدمية والاجتماعية بدل الشعارات العقائدية، في محاولة لبثّ روح جديدة في المشهد السياسي وإظهار نفسها بوصفها تياراً قادراً على الاندماج بالحياة المدنية لا مجرد فصيل سياسي مغلق".

 

وأضاف الناشط السياسي أن من العوامل الحاسمة في صعود الحركة "ابتعادها عن الصراعات الجانبية مع الكتل المنافسة داخل البصرة، وتركيزها على تقديم شخصيات خدمية ذات حضور ميداني ضمن قوائمها" وهو ما منحها بحسب قوله "ثقة شريحة واسعة من الناخبين، ومكّنها من كسر التوقعات التقليدية، وتحقيق اختراق انتخابي بارز في المحافظة".

 

"إعادة ترتيب للأولويات"

فيما أعربت النائبة السابقة زهرة البجاري في حديث خاص لـ«الجبال» عن شعورها بأن هذه الدورة الانتخابية جاءت "غير متوقعة على الإطلاق"، مشيرة أن نتائجها حملت مفاجآت قلبت كثيراً من التوقعات التقليدية على الساحة البصرية. 
وأوضحت البجاري أن "ما شهدته الانتخابات هذه المرة، لا يمكن تفسيره فقط عبر المعايير السياسية المعهودة، بل إن العوامل المالية والضغوط المجهولة والتدخلات غير المباشرة لعبت دوراً بارزاً في تشكيل المشهد الانتخابي، ما جعل المنافسة أكثر تعقيداً وأبعد عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية".

 

وأضافت أن "هذه التحولات المالية والأجندات المختلفة أسهمت في إعادة ترتيب الأولويات لدى الناخبين"، مؤكدة أن "موازين القوى السياسية في المحافظة باتت تواجه تحديات غير مسبوقة"، وأن "كل النتائج والاختراقات الجديدة يجب أن تُقرأ بعين ناقدة لفهم أبعاد التأثيرات التي تتجاوز مجرد البرامج الانتخابية والمواقف التقليدية للمرشحين، ولفتح نقاش أوسع حول ضرورة ضبط التمويل الانتخابي وتعزيز الشفافية في مستقبل الانتخابات".

 

"تغيّرات كبيرة"

من جانبه، أكد النائب الفائز عن كتلة تصميم، عقيل الخالدي، للجبال، أن 600 صوت أضيفت لكتلة "تصميم"، مبيناً ان الكتلة "ستبقى محافظة على 6 مقاعد دون الحصول على 7 مقاعد كما يعلن عبر منصات بصعود الشيخ ضرغام المالكي إلى البرلمان".

 

فيما أوضح المرشح علي العبادي عن كتلة "الدولة القوية" أنه "إلى الآن لم تحسم الانتخابات النيابية، والأسبوع المقبل سيشهد تفاصيل جديدة وتغيرات سياسية كبيرة في المقاعد، ومن المحتمل سحب المقعد الثاني بدلاً من الفائزة سمية الحلفي وصعود أمطار المياحي".

 

وشهد العراق الأسبوع الماضي انتخابات شملت كافة انحاء البلاد بما فيها إقليم كوردستان، لاختيار أعضاء الدورة السادسة لمجلس النواب الاتحادي. حيث جرت العملية على مرحلتين، الأولى: التصويت الخاص في 9 تشرين الثاني الجاري، والثانية: التصويت العام في 11 تشرين الثاني الجاري، وبحسب مفوضية الانتخابات تجاوزت نسبة المشاركة في المرحلتين 56 بالمئة.


الجبال

نُشرت في السبت 15 نوفمبر 2025 01:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.