یعیش في اقليم كوردستان نحو 300 الف لاجيء أكثريتهم من الكورد السوريين، وقدمت حكومة اقليم كوردستان الدعم الانساني لهم من مختلف الجوانب بما فيها فتح فرص التعليم أمام الطلاب اللاجئين لمواصلة دراستهم الأكاديمية في جامعات كوردستان.
عندما هربت الطالبة السورية (نيروز عبد القادر اسعد) مع عائلتها من مدينتها الحسكة في سورية الى اقليم كوردستان قبل أكثر من 10 أعوام كانت تعيش قلقا كبيرا خشية من فقدانها لدراستها، ولم تتخيل العودة الى المدرسة مجددا رغم شغفها القوي بالدراسة، وبعدما استقرت عائلتها في مخيم دوميز للاجئيين الكورد السوريين الواقع جنوبي محافظة دهوك كانت العودة الى مقاعد الدراسة أول شيء فكرت به نيروز وهي تواصل الآن دراستها الطب بإحدى جامعات اقليم كوردستان.
تحقق الحلم
قالت نيروز اسماعيل لمنصّة "الجبال"، "كنت أحلم بأن أصبح طبيبة وتحقق ذلك الحلم، مخاوفي كبيرة من فقدان الدراسة بسبب الظروف الصعبة التي واجهتنا في سورية، لكن بعد لجوئنا الى إقليم كوردستان تحسنت ظروف عائلتي والآن أواصل حياتي بشكل طبيعي، وإكملت مرحلة الاعدادية والتحقت العام الماضي بكلية الطب في جامعة زاخو".
وتضيف نيروز: "تم قبولي في كلية الطب بناء على المعدل الذي حققته أسوة بباقي طلاب اقليم كوردستان، وأبذل كل الجهود للنجاح وتحقيق نتائج جيدة في دراستي الجامعية"، مبيّنة: "هنا لا أشعر بالغربة، علاقاتي قوية مع الجميع، واعتبر نفسي جزءاً من المجتمع".
وليست نيروز هي اللاجئة الوحيدة التي حصلت على مقعد دراسي وإنما هناك المئات من الطلاب السوريين يواصلون دراستهم بدعم حكومي في جامعات اقليم كوردستان.
منح دراسية للاجئين لتعزيز التنوع بين الطلاب
وقدمت الجامعة الاميركية في كوردستان وهي جامعة راقية، منحاً للطلاب اللاجئيين إضافة الى تغطية رسوم الدراسة الجامعية وبعض النفقات. وقالت مديرة علاقات الجامعة الاميركية في دهوك رقية سليم للجبال إن "الجامعة الاميركية في كوردستان قدمت في عام 2024 منحاً مموّلة بالكامل لـ16لاجيء، تغطّي رسوم الدراسة الجامعية لبرامج البكالوريوس ومستويات اللغة الانجليزية ورسوم الجامعة، إضافة إلى تغطية نفقات سكن الجامعة أيضاً"، لافتة إلى ان "الجامعة تعتزم الاستمرار في هذه المبادرة مستقبلاً لتضمن لجميع المتقدمين المؤهلين بما في ذلك اللاجئين الحصول على التعليم. وهذه المبادرة تتماشى مع هدف جامعتنا في تعزيز التنوع ضمن هيئة الطلاب".
توفير المسلتزمات لمدارس اللاجئين
وبعد نشوء الأزمة السوریة في 2011، واندلاع حرب "داعش"، تحول اقليم كوردستان الى ملجأ آمن للعديد من اللاجئين السوريين. وحسب مصادر هيئة احصاء اقليم كوردستان، يوجد في الاقليم 259,448 لاجيء أغلبهم من (الكورد السوريين) يعيش 168,019 منهم خارج مخیات اللاجئین.
ووفقاً لمدير دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، بيرديان جعفر، الذي تحدّث للجبال، فإن حكومة اقليم كوردستان توفّر المستلزمات اللازمة ورواتب الكوادر التعليمية والتدريسية لمدارس مخيمات اللاجئين بالتعاون مع بعض المنظمات الانسانية.
واحتل اقليم كوردستان مكانة إنسانية ودولية مهمة من حيث الترحيب باللاجئين والنازحين واحترام حقوقهم وكرامتهم، ما جعله يحظى بتقدير الدول والمنظمات الدولية.
أكثر من 300 طالب لاجيء سوري في جامعات كوردستان، وقال مسؤول إتحاد طلبة الكورد السوريين في اقليم كوردستان ميرفان باديني للجبال أن "314 طالباً وطالبة من اللاجئيين السوريين يدرسون حالياً في جامعات اقليم كوردستان"، مبيناً أنه "لا يوجد أي فرق بين الطلاب اللاجئيين، وهم يتمتعون بنفس حقوق الطلاب الاخرين من مواطني اقليم كوردستان". ويضيف أن هناك العديد من الطلاب السوريين جاؤا مؤخرا الى اقليم كوردستان بهدف الدراسة الجامعية بعد تعديل وتصديق شهاداتهم، تم توفير مقاعد دراسية لهم ضمن قانون التعليم الموازي (براليل) مقابل رسوم مالية بسيطة، عادّاً توفير هذه الفرصة أمام الطلبة السوريين "خطوة إيجابية وإنسانية".
خطط سنوية لإستقبال الطلاب اللاجئين في الجامعات
وتخطط وزارة التعليم العالي في اقليم كوردستان سنوياً لمنح مقاعد دراسية للطلاب اللاجئين والنازحين في جامعات كوردستان، كخطوة لتوفير فرص التعليم أمامهم. حسب المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي في اقليم كوردستان عباس أكرم، الذي قال لمنصة الجبال: "لدينا خططاً سنوية لمنح مقاعد دراسية للّاجئين في جامعات كوردستان، كما تخصص جامعات كوردستان مقاعد دراسية للطلبة اللاجئيين وفق نظام التعليم الموازي (براليل) مقابل رسوم مالية وبعد إستيفاء الشروط اللازمة، مثل تعديل وتصديق شهادات المتقدمين للدراسة من قبل وزارة تربية اقليم كردستان".
وتابع: "وزارة التعليم ستبدأ بالتخطيط قبل البدء بالعام الدراسي الجديد بتحديد المقاعد المخصصة للطلاب اللاجئيين، لتوفير فرص التعليم الجامعي أمامهم، ضمن خطط الوزارة لقبول الطلاب بجامعات كوردستان للعام الدراسي المقبل".
كوردستان احتضنتني
ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها اللاجئون السوريون في إقليم كوردستان وتراجع المساعدات الدولية لهم، إلا أن معظمهم مازالوا ينظرون الى الإقليم كفسحة أمل لمواصلة حياتهم، فيما يأمل العديد من الشبان والشابات اللاجئين في الإقليم الحصول على فرص إكمال دراستهم الجامعية. وتستذكر الطالبة الجامعية نيروز عبد القادر صعوبة العيش تحت خيمة اللجوء مثل آلاف العائلات اللاجئة الأخرى، لكنها في الوقت نفسه ترفض العودة الى سوريا وتفضل مواصلة حياتها في كوردستان، وبناء مستقبل مشرق قائلة: "كوردستان احتضنتني بحرارة لن أتركها".