تتجه الأنظار إلى الانتخابات البرلمانية، حيث يتوقع مراقبون أن تكون نسب المشاركة مؤشراً حاسماً على مستوى الثقة الشعبية بالعملية السياسية، وفي قراءة استباقية، أكد الخبير في الشأن الانتخابي جاسم الغرابي وجود تفاوت متوقع في نسب الإقبال على صناديق الاقتراع بين المحافظات، نتيجة مجموعة من العوامل المتشابكة.
وقال الغرابي، لـ"الجبال" أن "أبرز هذه العوامل تتمثل في الثقة بالمؤسسات السياسية، فالمحافظات التي تعاني من ضعف الخدمات العامة أو شهدت احتجاجات واسعة تميل إلى تسجيل نسب مشاركة أقل، نتيجة شعور المواطنين بعدم جدوى العملية الانتخابية".
وبيّن أن "الاستقرار الأمني والاجتماعي، فكلما كانت البيئة الانتخابية مستقرة وآمنة، ارتفعت نسبة المشاركة. أما المحافظات التي تواجه تحديات أمنية، فقد يسجل فيها عزوف نسبي عن التصويت، إضافة الى الروابط الاجتماعية والبنية العشائرية، ففي بعض المحافظات، تسهم الروابط الاجتماعية والعشائرية في تحفيز المواطنين على المشاركة، مقارنة بالمناطق ذات الطابع المدني التي قد تشهد تراجعاً في الإقبال".
وأضاف أن "الدعاية الانتخابية وبرامج المرشحين سيكون لها دور مهم في جذب الفئات المترددة، لا سيما الشباب، الذين يمثلون شريحة كبيرة من الناخبين وغالباً ما يشعرون بالإحباط بسبب تكرار الوجوه السياسية وعدم وجود حلول ملموسة لمشاكلهم الاقتصادية وفرص العمل، كما أن فعالية مفوضية الانتخابات في ضمان نزاهة الإجراءات واستخدام التقنيات الحديثة قد يعزز الثقة ويحفز المزيد من المواطنين على المشاركة".
وختم الخبير في الشأن الانتخابي قوله بإن "ارتفاع أو تراجع نسب المشاركة لن يكون مجرد رقم، بل رسالة واضحة تعكس اتجاهات الرأي العام ومستوى الرضا الشعبي عن المسار السياسي، وهو ما يتطلب من الجهات المعنية معالجة أسباب العزوف في المحافظات ذات المشاركة المنخفضة من خلال سياسات واقعية وجاذبة لمزيد من المشاركة الديمقراطية".
"اختلاف ظروف"
من جهته، قال الباحث في الشؤون الاستراتيجية حسين الأسعد، في حديث لـ"الجبال"، انه "وفق التوقعات فإن الانتخابات البرلمانية ستشهد تفاوتاً ملحوظاً في نسب المشاركة بين المحافظات، مرجعاً ذلك إلى اختلاف الظروف المحلية والاجتماعية والسياسية لكل منطقة".
وبين الأسعد أن "المشاركة الانتخابية تتأثر بعدة عوامل رئيسية، أهمها مستوى التوعية السياسية لدى المواطنين، ومدى شعورهم بأن صوتهم سيحدث فرقاً، فضلاً عن توفر بيئة آمنة للوصول إلى مراكز الاقتراع".
وأضاف أن "المحافظات الحضرية قد تشهد مشاركة متوسطة إلى منخفضة في بعض الأحيان، نظراً لشعور بعض المواطنين بالإحباط من التجارب السابقة، بينما تسجل المحافظات ذات الروابط الاجتماعية والعشائرية المتينة نسب مشاركة أعلى، حيث يلعب الانتماء المجتمعي دوراً في تحفيز المواطنين على التصويت".
وتابع أن "الوضع الاقتصادي يعد عاملاً مؤثراً أيضاً، فالمواطنون الذين يشعرون بضغوط اقتصادية أو قلة فرص العمل يميلون أحياناً إلى العزوف عن المشاركة، بينما يمكن أن تحفز الوعود الانتخابية الواقعية برامج المرشحين المشاركة في المناطق الأكثر نشاطاً".
وشدد الأسعد على أن "نسب المشاركة ليست مجرد أرقام، بل مؤشر حقيقي على صحة العملية الديمقراطية ومستوى ارتباط المواطن بالسياسة، لذلك، فإن نجاح الانتخابات يعتمد على تهيئة بيئة سياسية آمنة، وضمان شفافية الإجراءات، وتنفيذ برامج توعية فعالة لضمان مشاركة واسعة ومتوازنة بين جميع المحافظات".
جهاز تحقق في أحد المراكز الانتخابية في العراق