قصص غريبة لمسؤولين عراقيين بـ"غرف السحرة": وزير يبحث عن الحل في المغرب.. وآخر يلجأ لإيران

6 قراءة دقيقة
قصص غريبة لمسؤولين عراقيين بـ"غرف السحرة": وزير يبحث عن الحل في المغرب.. وآخر يلجأ لإيران

حديث عن أن صفقات فساد تمرر بـ"السحر"

"وزير أسبق يحاول الحفاظ على منصبه"، "سكرتيرة تسيطر على مدير عام بإحدى الوزارات"، "موظف يتحكم بدائرة وبمديرها". جميعها قصص يتمّ تناقلها بين عديدين مؤخراً عن ما يعتقد بأنها "أعمال سحر" التي كانت تستخدم سابقاً كما يعرف "في القضايا العاطفية"، لكن هناك حديث عن استخدامها في السياسة.

ومؤخراً، ظهرت أحاديث عن بعض المسؤولين العراقيين الذين يلجؤون إلى السحر، وهي ظاهرة تحدث عالمياً، ففي حزيران/يونيو الماضي، اعتقلت السلطات في جزر المالديف، وزيرة البيئة، وأعفتها من منصبها على خلفية شبهات بممارستها "السحر الأسود" ضد رئيس المالديف محمد مويزو، بالتعاون مع شقيقيها، من أجل ترقية.

وعلى مستوى طبقات المجتمع المختلفة، يمكن أن تدفع ضغوطات اقتصادية واجتماعية، البحث عن أي وسيلة يعتقد أنها ستؤدي إلى النجاح، وهو ما يدفع بالمشتغلين بهذه الأعمال أو ما يسمى  بـ"العرافين" إلى استغلال تلك الأوضاع.

"الأمن الوطني يبحث عن السحّارين"

الباحث بالشأن الأمني، فاضل أبو رغيف يرى أن اعمال السحر والشعوذة جزء من أدبيات بعض المسؤولين في العراق، فيما يشير إلى أن "جهاز الأمن الوطني يعمل على مطاردة تلك الشخصيات، التي تقوم بهذه الأعمال، واقتحم قبل أيام عدة مكاتب خاصة بالسحر والشعوذة".

يقول أبو رغيف في حديث لـ"الجبال"، إنّ "وزيراً أسبق (لم يذكر أسمه) كان يلجأ إلى ساحرات ومنجمات في دولة المغرب، وأخرى في مدينة الكاظمية ببغداد، حيث كان يدفع مبالغ مالية كبيرة". 

ويضيف الباحث في الشأن الأمني: "حين لم يُجدد له المنصب في الوزارة، تشاجر مع المشعوذة في الكاظمية واختلفا"، مبيناً أن "هذا الأمر ينسحب على الكثير من المسؤولين لاسيما المدراء العامين".

"السياسيون لا يكتفون بل السحر فقط، بل يستخدمون الأحجار باهظة الثمن، ومن يعمل بهذه لمهنة يوهم بعض الوزراء، بأن الحجر الفلاني يقيه من الضرر، أو ذاك الحجر يجلب له النفع والفائدة"، بحسب أبو رغيف.

"وسيلة لضرب الخصوم"

يرى المحلل السياسي، علي الحبيب، أن السحر والشعوذة انتشرا بشكل كبير في العراق خلال العشر سنوات الأخيرة، مؤكداً "وجود تعاون بين بعض السياسيين مع الدجالين لتحقيق مصالح شخصية".

ويذكر الحبيب، في حديث لـ"الجبال"، أن "التعاون بين السياسيين والدجالين في العراق أمر ليس بالمستبعد، فعلى الرغم من عدم وجود أدلة حقيقية، إلا أن ما يتحدث به الدجالين بوسائل الإعلام قد يثبت بانه يحدث بالفعل".

"الدوافع دائما ما تكون دينية"، يقول الحبيب ويضيف أنّ "السياسيين حتى لو كانوا يمتلكون الأموال والمناصب الا أنهم يلجؤون دائماً لهذه الأساليب من أجل ضرب خصومهم".

وفي مسعى لمواجهة هذه الظاهرة، أطلقت وزارة الداخلية العراقية حملة واسعة لتعقب العاملين في هذا المجال، حيث تهدف إلى "توعية المجتمع بمخاطر هذه الممارسات وتقديم الدعم للضحايا الذين تعرضوا للاستغلال"، كما تتضمن "إجراءات قانونية صارمة بحق العرافين، والتعاون مع الجهات الأمنية لضبطهم وتقديمهم للعدالة".

قصص غريبة

الباحثة الاجتماعية، سمر الفيلي، شبهت خطورة السحر بموضوع غاية الغرابة، وهو "الذكاء الاصطناعي".

وتقول الفيلي، في حديث لـ "الجبال"، إن "بعض السياسيين يلجؤون إلى سحرة من إيران والهند والخليج وحتى في العراق لتسيير أمورهم"، لافتة إلى أن "الحال وصل بتمرير صفقات الفساد باستخدام السحر مثل، ما يطلق عليه لجم اللسان، وتيسير المصاعب".

"أحد المدراء العامين مسيطر عليه من قبل موظف فاشل، حيث يطيعه طاعة عمياء، ويعتقد أن المدير قد يكون مغيباً نتيجة استخدام السحر ضده، حيث لا يرى الحقيقة أو أي موظف غيره".

وتتابع الفيلي: "لا يمكن إنكار السحر في العراق، إلا أن الأساليب صارت اكثر ضحالة"، معتبرة أن "استخدام السحر من الطبقة السياسية أمر خطر، وخطورته على البشرية لا تقل عن الذكاء الاصطناعي وما يقوم به".

وتقول الفيلي إنّ "هناك سكرتيرة فاسدة مسيطرة بشكل تام على أحد المدراء العامين في وزارة عراقية، فعلى الرغم من أن الجميع يعرف بانها سيئة السمعة، إلا أن ما تقوم به يجعلها بمنصب المدير العام، بالوقت الذي تم ضبطها بالجرم المشهود وهي ترش مادة يعتقد أنها من أعمال السحر على مكتب المدير العام، من قبل مديرة مكتبه وقدمت شكوى تضم دليلاً مصوراً على ما فعلته السكرتيرة، إلا أن المدير غير قادر على أخذ أي إجراء ضدها لأنه مكبل ومقيد على ما يبدو، ولا يستطيع حتى توبيخها"، بحسب تعبيرها. 

وبشأن خطورة السحر، تؤكد الباحثة الاجتماعية، أن "السحر منتشر بشكل كبير في العراق، وخطورته تكمن بكونه غير ملموس، أي أن الحكومة العراقية والجهات المسؤولة لا تستطيع كشفه". 

اختبارات لفحص النواب

بدوره أوضح الباحث بالشأن القانوني، علي التميمي، الأطر القانونية بحق جرائم السحر والشعوذة، فيما اقترح تشكيل لجنة عليا لفحص واختبار المتقدمين للبرلمان.

ويذكر التميمي، في حديث لـ"الجبال"، أن "قانون العقوبات العراقية رقم 11 لسنة 1969، اعتبر السحر والشعوذة والحصول على النفع، جريمة نصب واحتيال، وفق المادة 456 بقانون العقوبات"، مؤكداً أن "عقوبة الجريمة تصل الى الحبس ولا تزيد عن خمس سنوات".

وينوه إلى أن "القانون العراقي لم يتشدد بهذه العقوبة لأنها صراع عقول بين الجاني والمجني عليه، باعتبار أن الأخير يسلم المال بإرادته دون الضغط عليه". 

ويتابع الخبير القانوني، أن "لجوء السياسيين والبرلمانيين الى السحرة يؤكد إفلاسهم الشعبي والجماهيري وقلة شعبيتهم"، مستدركاً بالقول: "اقترحنا تشكيل لجنة عليا مستقلة لفحص واختبار المتقدمين للبرلمان، أي من يرغب بأن يصبح نائباً، فليس من الممكن أن يكون كل من هب ودب نائباً وممثلاً عن الشعب".

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الاثنين 22 يوليو 2024 02:09 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.