أعلنت قوات الأمن السورية تطويقها مخيماً فيه جهاديون فرنسيون في شمال غرب البلاد، متهمة قائدهم بالتحصن داخله ورفضه تسليم نفسه على خلفية خطف فتاة، في أول مواجهة تعلن السلطة الانتقالية خوضها ضد مقاتلين أجانب منذ وصولها الى دمشق.
وتتخذ "فرقة الغرباء" التي يقودها ديابي المعروف بعمر أومسن، من مخيم على أطراف مدينة حارم في شمال غرب سوريا مقراً لها، ويقيم فيه عشرات المقاتلين الفرنسيين الذين يشتبه بمساهمته في تجنيدهم خلال سنوات النزاع السوري، مع أفراد عائلاتهم.
وأشار قائد الأمن الداخلي في محافظة إدلب العميد غسان باكير، في بيان، الأربعاء 22 تشرين الأول 2025، إلى "تطويق المخيم بالكامل وتثبيت نقاط مراقبة على أطرافه، بعد تلقي شكاوى عدة آخرها خطف فتاة من والدتها على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون بقيادة المدعو عمر ديابي".
وأضاف: "سعت قيادة الأمن الداخلي إلى التفاوض مع المتزعّم لتسليم نفسه طوعاً للجهات المختصة، إلا أنه رفض، وتحصّن داخل المخيم.. وشرع بإطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي"، مؤكداً أن قوات الأمن "ستواصل بحزم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة لضمان إنفاذ القانون".
وجاء البيان بعيد اشتباكات، أعقبت بدء قوات الأمن "عملية موسعة" استهدفت المخيم "بعد تطويقه بهدف تسليم عناصر فرنسيين مطلوبين من حكومتهم"، وفق ما نقلت فرانس برس عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن.
وقال جبريل، وهو ابن ديابي، لفرانس برس عبر تطبيق واتساب: "بدأت الاشتباكات بعد منتصف الليل وما زالت مستمرة"، مشيراً إلى "قصف قوات الأمن المخيم الذي يضم نساء وأطفالاً"، مضيفاً أن الاشتباكات مرتبطة "برغبة فرنسا تسلم فرنسيين اثنين من المجموعة".
وأفاد شاهد عيان في بلدة حارم بأن قوات الأمن تنفذ منذ الثلاثاء "انتشاراً كثيفاً في المنطقة". وقال إنه شاهد آليات مزودة أسلحة رشاشة تصل تباعا إلى البلدة.
وأشار الى سماعه "قصفاً متقطعاً خلال ساعات الليل ودوي انفجارات بين الحين والآخر"، مضيفاً أنه "نلازم منازلنا مع الأطفال ولم نرسلهم الى المدرسة".
المواجهة الأولى
وتعد هذه أول مواجهة تعلن السلطات الجديدة خوضها ضد جهاديين أجانب، منذ إطاحتها حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ويشكل ملف المقاتلين الأجانب الذين تدفقوا إلى سوريا خلال سنوات النزاع مسألة شائكة مع رفض دولهم عودتهم إليها وعدم قدرة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع التخلي عنهم بعد قتالهم لسنوات في جبهة واحدة ضد الأسد.
على غرار الآلاف من المقاتلين الأجانب، استقر الجهاديون الفرنسيون بقيادة ديابي في محافظة إدلب التي شكلت لسنوات معقل هيئة تحرير الشام التي تزعمها الشرع. وقدّرت مصادر أمنية عدد أفرادها بقرابة خمسين عنصراً.
وسبق للهيئة أن اعتقلت ديابي المصنّف من واشنطن "إرهابياً دولياً" لنحو عام ونصف العام، قبل أن تفرج عنه مطلع شباط 2022.
وكان ديابي المدان بجنح، يعمل في مطعم في "نيس" جنوب شرق فرنسا قبل أن ينتقل إلى سوريا عام 2013، حيث قاد الفصيل الذي يضم شباناً فرنسيين غالبيتهم من منطقة نيس.
وبعيد وصوله إلى السلطة، أعلن الشرع حل كافة الفصائل المسلحة بينها هيئة تحرير الشام، قبل أن تنضم تباعاً إلى صفوف وزارة الدفاع السورية.