عبر عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي رائد المالكي، عن استغرابه من انزعاج الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني حول مسألة ارتفاع الديون التي كشف عنها جواب البنك المركزي على كتاب سابق صادر عنه.
وكان البنك المركزي قد أعلن قبل يومين ارتفاع حجم الديون الداخلية والخارجية للعراق، وتجاوزها حاجز 91 ترليون دينار، وذلك في جواب على سؤال قدمه النائب المالكي.
وأعرب البرلماني عن استيائه من تصريح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأن "نواب البرلمان المعترضين يتحملون المسؤولية، لأنهم وافقوا على الموازنة سنة 2023"، مشيراً إلى أن "مجلس النواب وافق على الموازنة الثلاثية دعماً للدولة والحكومة الناشئة برئاسة السوداني".
وقال المالكي في مدونة نشرها، اليوم الثلاثاء 21 تشرين الأول 2025، إن "انزعاج الحكومة من إجابة البنك المركزي غير مبررة، لأن تقديم السؤال البرلماني إجراء دستوري يمثل الحد الأدنى من ممارسة الدور الرقابي من قبل عضو مجلس النواب، ومع ذلك فإن القيود التي فرضتها الحكومة عملياً على الرقابة البرلمانية بمساعدة الأغلبية الحزبية الموجودة في البرلمان وضعت العراقيل أمام ممارسة هذا الدور الرقابي، ولقد واجهنا صعوبة في الحصول على هذه الإجابة الموثقة وكنا نعمل لأجل استضافة محافظ البنك المركزي ووزير المالية في البرلمان لمناقشة الوضع المالي، لكن هذا الأمر تمت عرقلته أيضاً"، وإن "على الحكومة أن تعترف بارتفاع المديونية، ولها أن تبرر ذلك بأمور قامت أو تقوم بها دفعت باتجاه زيادة الانفاق، فهذا الأمر أفضل وربما أكثر اقناعاً من التهرب من المشكلة، وربط الحديث عنها بالانتخابات واتهام كل من يمارس دوره بأنه يريد التكسب الانتخابي، خاصة وأن متابعة هذه القضايا تصدر من شخصيات نيابية عرف عنها العمل بلا ملل ولا كلل وعلى كافة المستويات وعلى مدى سنوات وفصول الدورة الحالية، ويشهد على ذلك تقرير المرصد النيابي".
وأضاف أن "الحكومة الحالية مارست تعتيماً كبيراً على الوضع المالي، ورافق إجراءاتها وقراراتها غياب الشفافية، ويؤكد ذلك تعطيل تقديم جداول الموازنة، وتعطيل تقديم الحسابات الختامية السنوية بالرغم من عدم وجود المعوقات. ولا يغني عن ذلك البيانات الإعلامية التي تصدرها المؤسسات المعنية، ولا التصريحات والتحليلات التي يطلقها مقربون من الحكومة، فهذا غير كاف لتحقيق الثقة والشفافية"، مبيناً أن "جواب البنك المركزي لم يعط حصراً كاملاً لسقف المديونية، لأنه اقتصر على الديون الناشئة عن القروض ولم يبين ما بذمة الحكومة من ديون ومستحقات داخلية منها مثلاً (المبالغ المترتبة بذمة الدولة للشركات والمقاولين (محافظة البصرة لوحدها بذمتها أكثر من 900 مليار للذرعات المنجزة للمقاولين)، المبالغ المستحقة للمحافظات، المبالغ المستحقة للأفراد ( تعويضات الموظفين) والفلاحين، المبالغ المستحقة للمتقاعدين، المبالغ المستحقة كتعويضات من قرارات حل نزاعات الملكية، المبالغ المستحقة لذوي الشهداء وسواهم، المبالغ المستحقة لبعض الوزارات على وزارات أخرى، والمبالغ المسحوبة (الأمانات)) فكل هذا المبالغ التي تصل إلى ترليونات غير مذكورة في جواب البنك المركزي مع أنها أموال مطلوبة وبذمة الدولة قانوناً وقضاءاً !".
وأشار البرلماني إلى أن "المقلق أن يكون هناك عجز فعلي في الموازنة العامة بأكثر من 35 ترليون دينار خلال السنوات الثلاث الأخيرة في الوقت الذي كان فيه متوسط أسعار النفط بنحو 75 دولاراً للبرميل وبصادرات أكثر من 3.3 مليون برميل يومياً وفي الوقت الذي كان هناك فائض من الأموال في وزارة المالية بأكثر من 22 ترليون دينار، والمقلق أكثر أن هذا العجز تم تمويله من الاقتراض الداخلي الذي أصبح الأعلى في تاريخ العراق بأكثر من 91 ترليون دينار !!"، لافتاً أنه "من المؤسف أن يعير رئيس الوزراء، النواب، بموافقتهم على قانون الموازنة بالرغم من أن تلك الموافقة كانت تعبيراً عن دعم مجلس النواب للحكومة في بداية تشكيلها بالرغم من موقف بعض النواب منها، لكن الجميع كان ينظر إلى ذلك بأنه التزام دولة يجب أن يتعاون الجميع لأجل تحقيقه. وكان هذا الدعم مشروط بتقديم جداول الموازنة، والحسابات الختامية، والتزام جميع الأطراف بما فيها حكومة الإقليم بتسديد الإيرادات الاتحادية، ومشروط برفع سقف الإيرادات غير النفطية وضبط جباية الأموال من أجور الخدمات والرسوم وغيرها... وأن يكون الاقتراض مشروط بموافقة البنك المركزي للالتزام بالحدود الآمنة".
وقال المالكي: "مؤسف أن الحكومة أجهضت تجربة الموازنة الثلاثية مع أنها كانت عامل وأداة مهمة لتحقيق الاستقرار لو أحسن توظيفها واستخدامها، واستبدلتها بحالة اللايقين وعدم الثقة والازدواجية، بحيث قطعت السبيل على تكرار تلك التجربة مستقبلاً"، مردفاً: "على أية حال، فإن تجربة الدورة الحالية (برلمان وحكومة) يجب أن تراجع في المرحلة القادمة، وتشخص اخطاؤها لكي لا تتكرر سياسة وأشخاصاً".