تشهد محافظة البصرة تباطؤاً متزايداً في وتيرة تنفيذ المشاريع الخدمية والعمرانية بسبب تراكم الديون وعدم قدرة الحكومة المحلية على تسديد السلف والمستحقات المالية للشركات المتعاقدة، ما خلق حالة من الجمود في القطاع الإنشائي، ألقى بظلاله على النشاط الاقتصادي العام في المحافظة التي تُعدّ من أغنى مناطق العراق بالموارد المالية.
ويقول عماد المطوري، عضو لجنة الخدمات في مجلس محافظة البصرة، في حديث تابعته "الجبال" إن "عدداً كبيراً من الشركات العاملة في المحافظة بدأت أعمالها بوتيرة بطيئة نتيجة العجز المالي الذي تعاني منه السلطات المحلية وعدم تسديد السلف والالتزامات المتراكمة منذ العام الماضي"، مضيفاً أن “شركات أخرى تمكنت من الاستمرار في العمل بفضل امتلاكها سيولة مالية خاصة مكنتها من تغطية متطلبات الحكومة المحلية والمركزية التي تصل إلى نحو 0 ترليون دينار".
ويشير المطوري إلى أن “غياب أي مؤشرات على قرب تسديد هذه الديون يجعل من الصعب إطلاق مشاريع جديدة خصوصاً المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تمثل ركيزة أساسية في خطة إعمار البصرة” محذراً من أن “استمرار موازنة عام 2026 على نفس وتيرة موازنة 2025 سيؤدي إلى توقف عدد من المشاريع الكبيرة، في حين ستظل المشاريع الصغيرة تعتمد على عوائد المنافذ الحدودية والبترودولار كمصدر رئيس لضمان استمرارها”.
وأوضح المطوري أن “الخلل في آلية إدارة الأموال المركزية بين بغداد والبصرة وعدم انتظام التحويلات المالية يعطل جهود الحكومة المحلية في إنعاش البنى التحتية المتداعية، كما يضعف ثقة الشركات الاستثمارية الراغبة في دخول السوق البصرية” مشيراً إلى أن “العديد من المشاريع المخصصة لتحسين شبكات الماء والمجاري والطرق ما زالت متوقفة عند نسب إنجاز متفاوتة بانتظار التمويل”.
من جانبه كشف رئيس اتحاد مقاولي البصرة، حسين المالكي، في تصريح لمنصة "الجبال"، اليوم الثلاثاء 21 تشين الأول 2025، أن “الشركات المحلية تواجه تأخراً حاداً في استلام مستحقاتها المالية خلال عام 2024 ما أدى إلى توقف بعض الورش والمواقع عن العمل فعلياً” موضحاً أن “أكثر من 600 شركة تقدمت بطلبات لصرف مستحقات مالية تقدر بنحو 780 مليار دينار، إلا أن ما تم صرفه فعلياً لم يتجاوز 160 مليار دينار فقط، وهو ما يعكس فجوة مالية كبيرة بين الالتزامات والدفعات المسلّمة”.
وأضاف المالكي أن “إجمالي المستحقات المتأخرة للشركات المحلية يتجاوز تريليوناً و250مليار دينار وأن بعض المشاريع التي بلغت نسبة إنجازها 80 بالمئة لم تستلم سوى 10 بالمئة أو أقل من قيمتها التعاقدية” مشدداً على أن “هذا التأخر لا يضر فقط بالمقاولين، بل ينعكس على آلاف العاملين في القطاعات الإنشائية والملاحقة المالية المرتبطة بها من عمال وفنيين ومجهّزين”.
ويحذر المالكي من أن “استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تعطيل العديد من المشاريع الحيوية في البصرة مثل مشاريع محطات المياه والكهرباء والطرق إضافة إلى مشاريع الأبنية المدرسية والمستشفيات التي تنتظر التمويل لاستكمالها” داعياً الجهات الرسمية إلى “تسريع إجراءات صرف المستحقات لضمان استمرارية المشاريع ودعم النشاط الاقتصادي لا سيما في ظل ارتفاع نسب البطالة وتراجع حركة الاستثمار المحلي”.
وختتم المالكي حديثه بالتأكيد على أن "المقاول البصري يواجه اليوم وضعاً معقداً بين التزامات مالية متراكمة وديون بنكية وضغوط حكومية"، مبيناً أن "الاستقرار المالي للمشاريع الحكومية هو المفتاح الأساس لاستمرار التنمية في المحافظة".