يبدو أن العراق ليس بعيداً عن الصراع القائم في المنطقة، بل سيكون المتأثر الأول بعد لبنان نتيجة التصعيد الإسرائيلي الذي اشتد عدوانه جنوبي لبنان منذ الأسبوع الماضي.
ولا يوجد موقف حكومي عراقي لغاية الآن يخص الدخول إلى جبهة الحرب من عدمها، وإنما كانت جميع المواقف العراقية وعلى رأسها موقف المرجعية الدينية في النجف، داعمة للشعب اللبناني بشتى الوسائل الغذائية والطبية والإنسانية وتوفير السكن.
وتصاعد التوتر في لبنان، بدأ بعد أسبوع مأساوي تخللته ثلاثة هجمات، وصفها الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بـ"الضربات القوية"، استهدفت في 17 و18 أيلول/ سبتمبر الحالي، أجهزة النداء والاتصال لحزب الله، ما أدى إلى تفجيرها ومقتل وإصابة العشرات، تلاها هجوم مركز في ضاحية بيروت الجنوبية، أدى إلى مقتل عدد كبير من قادة حزب الله بينهم إبراهيم عقيل وأحمد وهبي.
وعقب استهداف أجهزة "البيجر" التي طالت عناصر حزب الله اللبناني، الأسبوع الماضي، وبدء القصف المتبادل مع "إسرائيل"، أظهر العديد من قادة الفصائل العراقية الدعم اللامحدود لحزب الله اللبناني، من خلال الرد عبر الطائرات المسيرة على إسرائيل، فيما نشر بعضهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتطوع من أجل القتال إلى جانب لبنان.
وأعلن الأمين العام لكتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، في 20 أيلول/ سبتمبر الحالي، بعد التفجيرات التي شهدتها لبنان، عن استعداده لزج 100 ألف مقاتل للقتال إلى جانب حزب الله في لبنان، وهذه اشارة على استعداد الفصائل للدخول بعمق المواجهة ضد الكيان الصهيوني.
وعلى الصعيد النيابي، قرر مجلس النواب العراقي، عقد جلسة خاصة لمناقشة "العدوان" الاسرائيلي على لبنان يوم السبت المقبل، المصادق 28 أيلول/ سبتمبر 2024، فيما اعتبرت لجنة الأمن والدفاع النيابية أن "العراق مستعد للمواجهة".
ويقول عضو اللجنة علي البنداوي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "العراق يعتبر لبنان وفلسطين جزءاً من القضية الفلسطينية التي طالما دافعنا عنها".
"العراق ليس بعيداً ولا جديداً عن الحروب، فقد حارب الأميركان ومن ثم تنظيم القاعدة وبعدها داعش والعدو هو واحد"، يذكر البنداوي ويضيف أنّ "العراق على استعداد لمواجهة العدوان الصهيوني كما واجه العدو سابقاً".
وعن موقف المرجعية الدينية في النجف يشير عضو لجنة الأمن البرلمانية إلى أن "المرجعية العليا والمتمثلة بالمرجع علي السيستاني، تتدخل في الوقت المناسب الذي تشعر فيه بأن بنية الإسلام قد هُددت".
ويلفت البنداوي إلى أن "بيان المرجعية مُلزم لكل عراقي، لإغاثة الشعب اللبناني الشقيق، وفضح جرائم العدو الصهيوني".
وتعتزم لجنة الأمن والدفاع النيابية عقد اجتماع لمناقشة العدوان الصهيوني على غزة ولبنان، والوقوف على تداعياته، فيما بدأ عدد من النواب بجمع التبرعات لمؤازرة الشعب اللبناني، وفق البنداوي.
وفي 24 ايلول/ سبتمبر الحالي وجه المرجع الأعلى، علي السيستاني بـ"بذل كل جهدٍ ممكن من أجل وقف العدوان الصهيوني الهمجي المستمر على لبنان، وحماية الشعب اللبناني من آثار العدوان المدمرة".
بيان المرجعية انتشر كالنار في الهشيم داخل الأوساط العراقية المختلفة، وسرعان ما أُطلِقَ على البيان "فتوى الإغاثة"، في إشارة لفتواه الشهيرة "الجهاد الكفائي".(2014) التي أدت إلى تحرير العديد من مناطق العراق من سيطرة تنظيم داعش.
رئيس حركة حقوق المرتبطة بكتائب حزب الله العراقي، النائب حسين مؤنس، كان موقفه مشابه للأمين العام لكتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي، إذ قال في تدوينة عبر منصة "أكس"، إن "بيان المرجعية الدينية العليا في النجف يجعلنا نستعد لفتوى جهاد كفائي جديدة، ونحن على استعداد لتلبية هذا النداء مرة أخرى ومرات عدة".
بينما، أكد الأمين العام لحركة النجباء أكرم الكعبي، في رسالة تعزية إلى نصر الله، إن "المقاومة الإسلامية في العراق مستمرة في عملياتها ضمن جبهة الإسناد العراقية نصرة لفلسطين ودعماً للمقاومة في غزة".
"العراق منخرط في الصراع"
وتعليقاً على ذلك، يؤكد أستاذ العلوم السياسية إحسان الشمري، أن العراق منخرط بشكل شبه رسمي ضمن الصراع القائم مابين إسرائيل ولبنان، وإسرائيل وفلسطين.
"الجماعات المسلحة أعلنت منذ 7 أكتوبر الماضي وما بعده، المضي بستراتيجية وحدة الساحات والتي استهدفت من خلالها الداخل الإسرائيلي عن طريق طائرات مسيرة وصواريخ"، وفق الشمري.
ويلفت استاذ العلوم السياسية في حديث لمنصة "الجبال"، إلى أن "العراق منخرط بشكل شبه رسمي ضمن الصراع"، مبيناً أن "الفصائل المسلحة العراقية أعلنت دخولها المباشر للوقف مع حزب الله ضد الكيان الإسرائيلي".
ويرى الشمري، أن "العراق هو الأكثر تأثراً بعد لبنان في هذا الصراع، لا سيما على الصعيدين السياسي والأمني".
ويذكر استاذ السياسات العامة، أن "إسرائيل تحاول فرض اشتراطاتها، بينما إيران واقعة في حرج كونها تريد المضي بمفاوضات الملف النووية"، مستدركاً بالقول: "المنطقة امام تصعيد كبير جدا".
وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2024، أعلنت فصائل عراقية أنها هاجمت بمسيّرات "الأرفد" هدفا إسرائيليا في غور الأردن، وقد دوّت صفارات الإنذار في هذه المنطقة ومناطق بالجولان السوري المحتل وكذلك في مدينة بيسان لأول مرة منذ بداية الحرب على غزة، وفقاً للإعلام الإسرائيلي.
فيما أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" فجر 25 ايلول/ سبتمبر 2024، إنها هاجمت ما وصفته بالهدف الحيوي شمال فلسطين المحتلة بصاروخ "الأرقب".
وقبلها بساعة أعلن الفصيل المسلح ذاته مهاجمة هدف آخر قرب غور الأردن بالطيران المسير، وذكر أن الهجوم جاء "نصرة لأهلنا في فلسطين وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين".
الفصائل تنوّي دخول المواجهة
من جهته، يرى مدير مركز الاعتماد للدراسات الامنية والاستراتيجية اللواء الركن المتقاعد عماد علو، أن انخراط العراق بالصراع القائم بين إسرائيل ولبنان يتوقف على مدى تطورات الوضع في الجبهة اللبنانية.
"هناك مؤشرات على أن فصائل المقاومة العراقية ينوون المشاركة بشكل واسع سواء على الجبهة اللبنانية أو من داخل الأراضي العراقية"، يقول علو ويضيف لمنصة "الجبال"، أن "هذا سيجعل العراق عرضة لهجمات إسرائيلية وأمريكية".
وتطرق الخبير بالشأن الأمني الى موقف المرجع السيستاني الأخير، وقال إنه "واضح ودقيق وهو مساندة ودعم انساني للشعب اللبناني في محنته، ولو اراد السيستاني دفع الأمور نحو الحرب لأصدر فتوى كما حصل في العام 2014 عندما أصدر فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش".